كان غابرييل غارسيا ماركيز أول مَن أعلن خبر وفاة صديقه عبر حسابه على تويتر. كتب الروائي الكولومبي كلمة واحدة: «موتيس». هكذا، نقلت معظم المواقع والصحف الأجنبية والعربية خبر رحيل ألفارو موتيس قبل أيام عن 90 عاماً في مكسيكو، معرّفةً إياه بأنّه الصديق الكبير ورفيق صاحب «مئة عام من العزلة»، وكان وراء قراءة مسودة الرواية في مكسيكو قبل أن يساعد الكاتب على نشرها. لكنّ ألفارو الذي توارى خلف ظلّ صديقه، كان أكثر من ذلك.
لم تجمعه بماركيز سوى الصداقة والأدب. في الواقع، كان ألفارو موتيس لا يشبه في شيء الصورة المتداولة عن كتّاب أميركا اللاتينية. لم يكن يشرب المتّة، ولا يناضل في صفوف أي حزب، ويحتقر الواقعية السحرية! مع ذلك، هو يعدّ واحداً من أبرز صروح أدب أميركا اللاتينية، وخلق شخصية البحّار المغامر ماكرول الغافييرو.
تلك الشخصية لم تكن سوى صنو الروائي والشاعر الكولومبي الذي أمضى حياته في التنقّل.
ولد ألفارو موتيس في بوغوتا عام 1923 وأمضى طفولته بين بلجيكا وفرنسا بسبب عمل والده الدبلوماسي، قبل أن يستقر في المكسيك بدءاً من عام 1956.
في مدرسته في بروكسل، طالع بنهم أعمال ديكنز، وجول فيرن، ووالتر سكوت، وهكتور مالو. وبدءاً من عام 1947، سيولد البحّار ماكرول الغافييرو في قصائده الأولى، ليتكرّس بقوة في ديوانه «عناصر الكارثة» عام 1953، قبل أن يستوطن كل رواياته اعتباراً من السبعينيات.
حائز جائز «ثرفانتس» (2011) وجائزة «ميديسيس» (1989) عن روايته «ثلج الأميرال»، كان بطله ماكرول الغافييرو مجهول سنة الولادة والوفاة طبعاً.
لم يكن ماكرول يعبر الوقت، بل كان عصيّاً على آثاره، لذا لا مجال للبحث عن استمرارية كرونولوجية في أعمال موتيس. لقد كان من الكتّاب القلة القادرين على استخدام الكلمات الدقيقة في وصف تلك العلاقة الغريبة التي تجمع البحّار بقاربه، ورحلاتهما.
لا يمكن اختصار مضمون أعمال موتيس، بل يجب قراءتها من الداخل، لأنّها لا تعكس تجربة مباشرة ولا سيرة ذاتية. كل المغامرات التي عاشها ماكرول الغافييرو في أماكن يعرفها خالقه جيداً، تتغذّى من حكايات خيالية، جاعلةً من موتيس «شراعيّ الكلمة»، ومستكشفاً أدب الرحلة الداخلية.
كان موتيس يولي عناية كبيرة للكتابة، والموسيقى في الجملة، وإيقاعها. ولعلّ أقوى سمة في شخصية صنوه ماكرول كانت استمداد أسباب العيش من الأحلام التي لم تتحقّق يوماً.
رحيل موتيس، عاشق النبيذ والذكريات، لا يضع نهاية لمغامرات ماكرول بقدر ما يُدخله عالم الخلود الأدبي.