قبل ثلاثة أيام من الافتتاح كان لنا لقاء مع بعض ممثلي «مجنون يحكي» في خضم الاستعدادات للبروفة ووضع الماكياج الذي يجرّبونه للمرة الأولى ولبس الأزياء ومراجعة النصوص. أعرب الجميع عن ارتياحهم وثقتهم بفريق العمل، مما ساعد على إنجاز هذا العرض بسلاسة تحلّت بها المخرجة لينا خوري في التعاطي معهم. تركت مساحة من الحرية لكل منهم في تجاربهم على الشخصيات. قد يكون عنصر الصداقة و«جو العائلة» على حد تعبيرهم هو الحكم الأهم على أرض الملعب. جميعهم أصدقاء للينا والمحبّة على الأغلب هي أهم ما جمع المجموعة في عملية إنجاز الهدف على نحو إيجابي.
في الحديث عن مواقفهم من أدوارهم، يقول غبريال يمّين (دور المجنون) إنّه على غير عادته، شعر بتخوّف ما من الدور لما يحمله من تحدّيات. «إنه دور مركّب وصعب». بحسب يمين، قد ينجرف الممثل في أداء هذا الدور إلى الشكل التقليدي، إلا أنّه عمد إلى الابتعاد عن القرار الواعي لتركيب الشخصية. عوضاً عن ذلك، حاول أن يفكّر كما تفكر الشخصية لكي تصبح شخصية المجنون مقنعة. هذه التقنية جعلته «مشبعاً بالشخصية» على حد تعبيره. فرأيناه في البروفة متلبّساً الشخصية بصدقية عالية مقتحماً خشبة المسرح بحضور أخّاذ.
من جهتها، أحبّت بو فرحات إصرار شخصية ناهدة نون على الحقيقة، ولو على حساب ابنتها وجسدها بهدف بناء مجتمع قائم على حرية التعبير، الأمر الذي لا تستطيع فعله بو فرحات في حياتها الشخصية على حد قولها: «أنا كشخص، لا أتنازل ولا آخذ هذا الخيار. إذا وجدت في مكان يسود فيه القمع، أبحث عن مكان آخر أنتقل إليه من دون محاولة التغيير لأنني لا أعتقد أن الشعب يستطيع أن يغيّر». وأشارت بو فرحات الى أنّها لن تتوقف عن التجريب والبحث من حيث الأداء حتى خلال فترات العروض.
أما أندريه ناكوزي الممثلة اليافعة التي برزت على نحو لافت خلال السنوات الماضية التي تؤدي دور المعلمة الصارمة في العرض، فقد رأت أنّ هذا الدور ليس الأصعب الذي مر عليها، لكنّه ليس سهلاً لأنه محدود. لذا تحاول اللعب على بعض التفاصيل الشخصية للدور كي تخرجه من الإطار المحدد كأستاذة صارمة «ترمز الى أداة تحشو أفكار النظام في رؤوس الأولاد من دون الاعتراف بالرأي الآخر» بحسب ناكوزي.
من المؤكّد أن وجود زياد الرحباني في العمل أضاف حماسة لكل من شارك في هذا المسرحية، فيما لم تكن ناكوزي تتوقع أن تقف مع زياد على خشبة مسرح واحدة تجمعهما، وصفته ندى بو فرحات بأنه «إنسان بكل ما للكلمة من معنى، يتعامل كفرد من أفراد العائلة ويهتمّ لمن حوله». وتمنّى غبريال يمّين لو يبقى مع زياد وقتاً أطول كي يستفيد قدر المستطاع من أفكاره ونقاشاته وعشرته، خاتماً: «حدا بصِرلو يشتغل مع زياد؟».