الدار البيضاء | علي أنوزلا خارج القضبان. وافق قاضي التحقيق المكلف جرائم الإرهاب في محكمة الاستئناف في مدينة سلا على طلب إطلاق السراح المؤقت للصحافي المغربي، بعدما تقدّم به محاميه حسن السملالي بداية الأسبوع الماضي، على أن تستكمل محاكمته وهو خارج السجن. خروج أنوزلا أثار الكثير من الجدل في صفوف المدافعين عن عدالة قضيته. هناك من اتهم بعض مناصريه بالرغبة في أن يبيع الصحافي المشاغب «قضيّته»، فيما رأى آخرون أنّ لدى بعض مناصريه رغبة في تحويله إلى «شهيد» أو «معتقل سياسي» تتاجر أطراف سياسية بملفه. قبل أيّام، أصدر علي أنوزلا مدير موقع «لكم» الإلكتروني من داخل زنزانته بياناً طالب فيه بإغلاق موقعه ما دام لا يمكن أن يديره من داخل السجن، وغيّر فريق دفاعه، طالباً من المحامي والمعتقل السياسي السابق حسن السملالي، أن ينوب عنه في القضية. قرار أنوزلا أثار حنق المحامين المشكّلين لهيئة دفاعه الذين انسحبوا من الملف، فيما خرج زميله رئيس تحرير النسخة الفرنسية من موقع «لكم» أبو بكر الجامعي ببيان مضاد قال فيه إنّه «المسؤول عن الموقعين، العربي والفرنسي، في انتظار الإفراج عن أنوزلا»، مضيفاً أنّ «أشخاصاً جدداً سيشرفون على الموقع».
أبو بكر الجامعي الذي تنقل أخيراً بين دول عدّة حول العالم لـ«الدفاع عن ملف أنوزلا»، وفق تصريحاته، عَبَّر في ندوة صحافية عن عدم تقبله لقرار أنوزلا بإغلاق الموقع الإخباري، ملمّحاً إلى أنّ الأخير لا يملك أي صلاحية قانونية لاتخاد قرار مماثل.
وشكك الجامعي أيضاً في علاقات السملالي بمقربين من السلطة المغربية، واصفاً إيّاه بـ«المشبوه». لكن يبدو أنّ أبو بكر الجامعي ربّما تجاهل أنّ حسن السملالي الذي قضى 15 عاماً في الاعتقال السياسي، سبق أن دافع عن علي أنوزلا في قضايا عدّة منها قضية «مرض الملك» التي أسالت الكثير من الحبر، إضافة إلى أنّه انتخب أخيراً رئيساً لـ«مؤسسة إدريس بنزكري لحقوق الإنسان والديموقراطية» التي تحفظ إرث رجل المصالحة الوطنية الذي قاد سفينة «هيئة الإنصاف والمصالحة» إدريس بنزكري.
رغم كثرة الانتقادات التي وجّهت إليه، اكتفى السملالي برد مقتضب على معارضيه، مشيراً إلى أنّ من حق علي أنوزلا «اختيار من يشاء للدفاع عنه».
وعلى عكس تشاؤم أبو بكر الجامعي، أثبتت استراتيجية المحامي الجديد في الملف نجاعتها، ليخرج أنوزلا من سجن سلا ويجد في استقباله عشرات المدافعين عنه. مناصرون أسسوا هيئات مختلفة للدفاع عن مطلب إلغاء المتابعة القضائية له، وأقاموا عشرات الوقفات في مختلف مدن المملكة. من جهته، رد أنوزلا بابتسامته المعهودة من دون الإدلاء بأي تصريح حول ظروف اعتقاله والأسباب التي دفعته إلى إغلاق الموقع، أو عن قضايا معيّنة قد تكون بداية خلاف مع زميله أبو بكر الجامعي.
وفيما أثنى كثيرون على الإفراج عن أنوزلا، أبدى بعض روّاد مواقع التواصل الإجتماعي شكوكهم في أن يكون الصحافي المعارض للسلطة قد عقد صفقة معها. هذا الكلام لاقى هجوماً كبيراً ممن أكدوا أنّه محاولة لتحويل أنوزلا إلى معتقل سياسي وتقديمه قرباناً لتوجّهات سياسية معينة، تبعده عن صورة الصحافي الحيادي الذي يكتب الرأي الذي يوافق مبادئه إلى خانة «المناضل المضطهد». رأي لمّح إليه أنوزلا نفسه في بيان أصدره من داخله سجنه تمسك فيه ببراءته، وذكّر بأنّ «مهمّته كصحافي هي الدفاع عن الحرية والكرامة». إذاً، تحوّل النقاش من إجماع على الدفاع عن عدالة قضية على نحو مواضيع هامشية، لكن الأكيد الآن هو أنّه حرّ، ولو كانت حرّية مؤقتة قد يلغيها حكم قضائي يصدر خلال جلسة 30 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي. يذكر أنّ الصحافي المغربي اعتُقل الشهر الماضي على خلفية نشر «لكم» شريطاً منسوباً إلى تنظيم «القاعدة» تضمّن دعوة صريحة وتحريضاً مباشراً على ارتكاب أفعال «إرهابية» في المغرب (الأخبار 18/9/2013).