للمرّة الأولى، لا تتوحَّد lbci وLDC في عرض الدراما المحليّة. بعدما بدأت الأولى عرض «وأشرقت الشمس»، يبدو أنّ رئيس مجلس إدارة «المؤسسة اللبنانيّة للإرسال» بيار الضاهر، لم يشأ أن يكون العرض الفضائي الأول لمسلسل «وأشرقت الشمس» (اشترى حقوق عرضه الأرضي والفضائي) على LDC، فيحرم نفسه من التعاقد عليه مع إحدى الفضائيّات العربية الكبرى، وخصوصاً أن العمل الذي صنع بأياد لبنانيّة خالصة يحمل مواصفات المسلسل الذي يليق بالمنافسة العربيّة.
وقد صوّرت مشاهده الأساسيّة في أحد القصور الفخمة في منطقة الهيكليّة في طرابلس وشوارع البترون القديمة، وهي الأقرب إلى شوارع بيروت أيام الاستعمار، كما صوّر العمل بجودة عالية HD. وقد علمنا أنّ العرض الأول ستفوز به قناة «دبي» المتحمّسة له، علماً بأن المفاوضات تجرى بين ثلاث شبكات هي «دبي» و«أبوظبي» وMBC.
هكذا، تكسب الشركات المنتجة للعمل الرهان. حين أقدمت «رؤى للإنتاج» (مطانيوس أبي حاتم)، وM&M Pro (ميلاد أبي رعد وزوجته مي أبي رعد)، وChelae Production (شارل شلالا)، على إنتاج «وأشرقت الشمس»، كان بعض العاملين في الوسط يعتبرون الخطوة متهورة. ووصل الأمر بالبعض إلى القول بأنّ أصحاب هذه الشركات سيقعون في عجز مالي، لأنّهم لن يتمكنوا من استرداد التكاليف والمصاريف. لكن منذ اللحظة الأولى، يكتشف مشاهد «وأشرقت الشمس» أننا أمام عمل متميّز يبدأ بالمقدمة الغنائيّة «غابت الشمس ببحر من عتمات» (كتبها الأب فادي تابت ولحنها روك شلالا) التي غناها غسّان صليبا. بعدها، يأتي النص المدروس للكاتبة منى طايع التي غزلت خيوطه الدراميّة بهدوء، طارحةً حكاية من زمن الاستعمار العثماني للبنان في أجواء تاريخيّة بامتياز (1890 ــ 1918)، ثم التنفيذ الذي أخذ المخرج شارل شلالا وقته فيه، مع اختيار مواقع تصوير غير مستهلكة تعطي انطباعاً بأننا بالفعل في زمن الاحتلال العثماني. الأمر نفسه ينطبق على التمثيل الذي يجمع نخبة من الفنانين. مثلاً، تجسّد رلى حمادة شخصيّة ياسمين التي تعيش قصّة حب مع خليل، وهو أحد مشايخ القرية الذي يتمرّد على التقاليد ويرتبط بحبيبته، وهو الدور الذي يؤديه غسّان صليبا في أولى تجاربه الدرامية التلفزيونية. يفرض الإقطاعي الكبير الشيخ عبد الله (جوزيف بونصّار)، المسيطر على مقدرات القرية، على الزوجين أن يفترقا. وحين تضيق سبل الحياة أمام ياسمين، تعود إلى قريتها لتعمل خادمة في منزل الشيخ، وتجد نفسها تحت رحمة الشيخة ناهية (نهلا عقل داوود) التي وعدت نفسها يوماً بأنها ستكون زوجة خليل. في خط درامي آخر، يظهر الشيخ طلال (يوسف الخال)، ابن الإقطاعي الكبير الشيخ عبد الله، الشاب المتعجرف والمتسلط الذي سيقع في غرام جلنار (إيميه صيّاح) ابنة ياسمين وخليل لتتجدد قصة الحب والصراع في العائلة. يقدم الخال شخصيّة مليئة بالتناقضات، خلافاً للشخصيّة التي تسير على وتر واحد في «جذور». وهناك شخصيات أخرى؛ منها الفلاح المقاوم شاهين (رودريغ سليمان) الذي يعيش قصّة حب مع ثريّا (تاتيانا مرعب) ابنة الشيخ عبد الله. وينتظر إطلالة إلسي فرنيني في شخصيّة مختلفة هي«منيرة» صاحبة الخمّارة، حيث يلتقي الضباط الأتراك وتعمد إلى مساعدة المقاومين، إضافةً إلى شخصيّة الباشا رستم أفندي (فادي متري)...
يبشّر العمل بولادة وجوه واعدة؛ أبرزها إيميه صيّاح في دور جلنار، ابنة العز التي أجبرتها الظروف على العمل خادمة، ثم أندريه ناكوزي في دور الشيخة بشرى التي تعد نفسها بالزواج بالشيخ طلال، قبل أن يفضل جلنار عليها. يصعب التكلم على ثُغَر في العمل الذي نفّذ باحترافية عالية. مع ذلك، يؤخذ عليه بعض البطء في الإيقاع وتكرار أحداث معيّنة، لو تجاوزها لأمكن القول بأننا أمام مسلسل متكامل.



«وأشرقت الشمس»: يومياً 20:35 على lbci (ما عدا الجمعة والسبت)