رغم أنّ قناة «الميادين» ما زالت «فتية»، لكنّها قررت مبكراً أن تتوسع في طموحاتها، متصديةً لدور لا يندرج عادة في صميم العمل الإعلامي، بل يقع في نطاق عمل الهيئات الرسمية أو المجتمع المدني. هكذا، أرادت «الميادين» أن تفرد مساحة «للكبار»، وتحاكيهم على طريقتها عبر تكريمهم، بعدما طالهم غبن الأنظمة الرسمية.
في زمن الثورات الملتبسة وضياع «البوصلة»، قررت قناة «الواقع كما هو» أن تفتتح سلسلتها التكريمية مع المناضلة الجزائرية الكبيرة جميلة بوحيرد (1935)، لما تختزنه تجربتها من علامة فارقة في النضال. هي التي أمضت سنوات طويلة في مواجهة الاستعمار والاحتلال. إذاً، إنّها فرصة لإعادة تسليط الضوء على بوحيرد التي تميل إلى «الزهد» الإعلامي. مع ذلك، فإن الشائعات تطاردها من فترة إلى أخرى، وكان آخرها قبل أسبوع، حين انتشر خبر وفاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ولعل تكريم هذه المرأة المخضرمة سيكون فرصة ليس فقط لتقدير سنيها التي قاربت الثمانين، وإنّما لتجديد حلم التغيير الحقيقي.
في 3 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، ستكون القناة على موعد مع بوحيرد في «قصر الأونيسكو» (بيروت) ضمن مهرجان شعبي ثقافي ــ فني بعنوان «جدارة الحياة»، حيث ستقدم لها درع تقديرية. ما يضفي على هذه المناسبة قيمة مضافة هي مشاركة اليدا تشي غيفارا ابنة المناضل الثائر إرنستو تشي غيفارا التي ستلقي كلمة في المناسبة. وستسبق يوم التكريم عروض على شاشة «الميادين» بعنوان «أسبوع جميلة بوحيرد»، تتمحور حول الثورة الجزائرية وما يرمز إليه نضال المرأة عموماً وصمودها في السجن.
تكمن أهمية هذه المهرجانات التكريمية التي من المقرّر أن تكون فصلية، في تنوّع الشخصيات المكرمة من مختلف المجالات في العالم العربي. كما أنّها ستكون بمثابة مؤسسة ضمن شبكة «الميادين»، بمعنى أنّه سيكون للمهرجان شعاره وطاقمه الخاصان ولوغو يجمع في تركيبته بين الأرض والسماء والإنسان.
ويؤكد رئيس مجلس إدارة المحطة غسان بن جدو لـ«الأخبار» أنّه «صحيح أنّ «الميادين» صغيرة ومتواضعة وحديثة، لكن بما تمثله من هوية ورسالة وانتشار جماهيري، أصبحت في مكانة تستطيع فيها اتخاذ مبادرات جدية وطموحة، حتى لو كانت هذه المبادرات لا تتعلق عادةً بوسيلة إعلام. والهدف هو اعطاء حق لشخصيات ساهمت في النضال العربي، في هذا الزمن حيث الثوابت العربية مهزوزة».
ويرى بن جدو في هذه المناسبة تكريماً للثورة الجزائرية التي «نعتبرها حرب تحرير واستقلال بخلاف ما يجري اليوم. وقد تفاعل معها كل العالم العربي. وصحيح أنّ هناك آخرين جاهدوا في الجزائر، ولكننا اخترنا بوحيرد لأنها سيدة، وهي رمز من هذه الرموز الكبرى، وإشعاعها عالمي. وجزء كبير من العالم يخال أنّها ليست على قيد الحياة». ويلفت الإعلامي التونسي إلى أنّ «اليدا تشي غيفارا كانت مرتبطة خلال فترة المهرجان التكريمي بمهمة في أميركا اللاتينية، لكن عندما وجهنا إليها الدعوة، ألغت مهمتها ومواعيدها لتشارك في المناسبة». وقد وُجهت الدعوات لحضور المهرجان إلى مختلف قادة الأحزاب ومنظمات سياسية وشبابية ونسائية، ومناضلين عرب، فيما سيتخلله شعر وأغنية وطنية، وإلقاء ثلاث كلمات للمكرّمة، واليدا تشي غيفارا و«الميادين»، إلى جانب شهادات لبنانية وعربية عن بوحيرد. من جانب آخر، تعمل «الميادين» على تأسيس شبكة إعلامية عالمية في خدمة قضايا الإنسان، بالتعاون مع «هيئة الإعلام والتلفزيون» في كوبا. وقد تشكّلت هيئة تأسيسية لهذه الشبكة، سيعلن عنها الشهر المقبل في هافانا. قوام الهيئة حتى اليوم هو ستّ وسائل إعلام عالمية من القارات الخمس، على أن تتوسع لاحقاً. علماً أنّ هناك 30 وسيلة إعلامية عربية وأميركية وأوروبية وآسيوية طلبت الانضمام حتى الآن.
هذه الشبكة هي حصيلة توصية تقدّم بها بن جدو في كلمة ألقاها عبر الشاشة من لبنان، خلال مهرجان إعلامي كبير عقد في هافانا في أيلول (سبتمبر) الماضي، شارك فيه ميدانياً فريق موسع من «الميادين». وقد «تم تبني هذه التوصية لخلق شبكة حاضنة للإعلام البديل في مواجهة هذا الغول ــ العولمة، بما يخدم قضايا الإصلاح والحريات ومواجهة الغزو الخارجي. فنحن مع عالم الجنوب من موقع الانتماء وليس موقع الانحياز»، يقول بن جدو. ويستدرك: «لسنا لوبي، لكنّنا نفكر في إيجاد إطار تنسيقي بين وسائل الإعلام، للتعاون في مجال الإنتاج والإخبار، وتحقيق التواصل بين إعلاميين ومثقفين وكتاب في عالم الجنوب. ونعتبر الإخوة في كوبا شركاء أساسيين وليسوا ملحقين، وسيكون لهم دور مميز وخصوصاً في أميركا اللاتينية».
تنطلق الشبكة من القنوات التلفزيونية، لكنّها ستشمل لاحقاً الوسائل الأخرى. وقد أعدت «الميادين» اليوم مسودة البيان التأسيسي للتشاور بشأنه مع المعنيين في كوبا. وستنظم العام المقبل أوّل مؤتمر موسع في هذا المجال.



«جمهورية» بقرادوني والعشي

يجتمع الرئيس السابق لحزب «الكتائب» كريم بقرادوني والإعلامية سعاد قاروط العشي العائدة إلى الشاشة عبر «الميادين» لتقديم برنامج «الجمهورية 2014» الذي سينطلق في كانون الثاني (يناير)، وسيعنى بالانتخابات الرئاسية اللبنانية. يركز البرنامج على هوية لبنان، متطرقاً إلى جوانب تاريخية، وأخرى شخصية تتعلق بالضيف، وثالثة تعكس الوضع الراهن. ويلعب بقرادوني دور محامي الجمهورية في البرنامج، عبر استحضار لقطات تاريخية مفصلية، إذ سيخصص في كل حلقة فقرة عن تاريخ الرؤساء الذين تعاقبوا على لبنان. وينتهي البرنامج في آخر أيار (مايو) المقبل، مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان.