منذ تأسيسها، حاولت mtv أن تطلّ على المشاهدين بشخصية لا تشبه الا... نفسها. ولا يخفى أنّها دخلت المنافسة مسكونة بهاجس lbci، ولا سيما أنّ المحطتين مشتقتان من بيئة واحدة، تحاكيان الجمهور المسيحي أولاً، وإن تكن lbci قد سعت أخيراً لتوسيع رقعة انتشارها الجماهيري. ولأنّ لعبة التلفزيون بصرية أولاً، فقد افترضت mtv أنّ نصف «المعركة» يمكن أن يُربح اذا نحجت بدايةً في استمالة العين. لذلك لجأت الى الإبهار عبر صورة عالية الجودة، مرفقةً باستديوهات وديكورات عصرية، ووجوه جميلة. وفي المضمون، تقدم القناة خلطة تمزج بين الطابع الفرنكوفوني و«القومية» اللبنانية.
ولأنّ ثمة سباقاً محموماً على كسب ود المشاهد، وميدان البرامج الترفيهية صار ساحة للتنافس، فقد قررت mtv ضخ جرعة اضافية من هذه الفئة البرامجية لموسم الخريف تحت شعار «بتشيل الهم عن القلب». وقد ركزت على الانتاج الخاص مثل «هيدا حكي» (تقديم عادل كرم)، «الليلة جنون» (منقول عن البرنامج الفرنسي Vendredi tout est permi ـ تقديم ماريو باسيل) والمسلسل الكوميدي «الزفة»، و«تاراتاتا» الذي اشترته من المنتجة بيري كوشان، و«الرقص مع النجوم2» والبرامج المستمرة («ما في متلو»، «حديث البلد»، «تحقيق»، و«بموضوعية»).
بدأت الحلقة الأولى من برنامج crazy science أول من أمس، الذي يتضمن اختبارات علمية في اطار ترفيهي، يقدمه ايلي متري ونانسي اسكندر. وستعرض المحطة مسلسل «حبيب ميرا» (بطولة زياد برجي وداليدا خليل) في عيد رأس السنة، في اطار برامج جديدة إضافية ستبصر النور، كما تُشغل ادارة البرامج منذ اليوم بالإعداد لسهرتي الميلاد ورأس السنة.
على مستوى الاصطفاف السياسي، لا يصعب الاستنتاج بأنّ شاشة المر تستوحي سياستها التحريرية من شعارات 14 آذار. وقد وجد رئيس مجلس إدارة المحطة ميشال المر في الشاب الجنوبي الآتي من بلدة زبدين موفق حرب الخيار «الموفق» كمستشار له. في مكتبه في مبنى القناة في النقاش (قضاء المتن)، استقبلنا حرب البارع في فنون «الحرب» الناعمة، موجّهاً رسائل كثيرة الى lbci و«الجديد».
نسأله بداية عن فلسفة القناة التي تعتمد سياسة تحريرية منحازة بوضوح لفريق 14 آذار، فيعلق ضاحكاً: اعتماد خطاب هذا الفريق أصبح غير مربح تجارياً بعد الوضع الذي وصله. نحن نحتكم لثوابت موجودة قبل 14 آذار. mtv قناة لبنانية سيادية أُقفلت بالقوة. وعندما تحرر لبنان من الوصاية انطلقت مجدداً. ودخلت أذهان الناس كمعنى مرادف للحريات. نحاول أن نكون موضوعيين في كل شيء، الا في ما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان». نجيبه هنا بأنّ المحطة صارت مضرب مثَل في عنصرية برامجها، وخصوصاً لجهة التعاطي مع النازحين السوريين، فيجيب على نحو عام: «إنّها اتهامات غير منصفة. القناة دفعت ثمن الحريات. وإذا تهيّأ للبعض أنّ هناك عنصرية، فهذا غير مقصود. رئيس مجلس الإدارة ميشال المر شخص ليبرالي».
ولدى قولنا إن الأكثرية الساحقة من جمهور المحطة تنتمي الى بيئة محددة، يجيب: «mtv لا تتلون. فهي تشبه جمهورها وتحاكيه». هل يقصد هنا lbci؟ يكتفي بالردّ: «الرسالة واضحة»، لكن أين الخطأ اذا حاولت lbci استقطاب جمهور جديد لتوسيع دائرة مشاهديها؟ يجيب: «هناك فارق بين أن نتغير وأن نتطور. بعد انفجار الرويس كنّا السباقين الى بث حلقة خاصة من موقع الانفجار مع أهالي الضحايا والمتضررين».
واذا كانت mtv قد خرجت باستديو إخباري عصري منذ خمس سنوات، فهذا لا يعني أنها لا تسعى دوماً الى التطوير، بحسب حرب، الذي يؤكد أنّ «شاشتنا تتميّز بأجمل صورة تلفزيونية»، مضيفاً: «الذوق والخبرة أهم من المال. والمفارقة أن بعض المحطات العربية تمتلك أهم التقنيات فيما تبث أكثر المواضيع تخلفاً!».
وفيما تصنف بعض شركات الإحصاء قناة المر في المرتبة الثالثة، نسأله عما ينقصها لتحتل المرتبة الأولى، فينفي بدايةً أن تكون المرتبة الاولى لمصلحة «الجديد» أو lbci. يقول: «شركة «ستات ايبسوس» تاريخياً مجحفة بحقنا. ما من محطة أولى في لبنان. هناك برامج أو ساعات معينة تتقدم أحياناً دون غيرها. وmtv تعمل على قضم هذه الساعات ساعة بساعة. البرنامج الجديد «هيدا حكي» أحد الامثلة التي تتقدم فيها mtv عن غيرها بالاعتذار من وليد بك جنبلاط (كان بالموازاة ضيفاً في «كلام الناس»). كلنا نعرض الكوميديا السياسية الساخرة، لكن ما يميزنا أنّ النجاح يكون بإدخال الابتسامة الى الناس، لا بإثارتهم للتظاهر، كما يفعل البعض كتعويض عن تدني نسبة المشاهدة. (في إشارة الى «بس مات وطن»). نقول له بأنّ «هيدا حكي» متأثر بفكرة «البرنامج» لباسم يوسف، فيوضح: «إنه برنامج ساخر مستوحى من مدرسة بدأت في الولايات المتحدة، قبل أن يدخل يوسف مجال التقديم». يعتدل في جلسته مضيفاً بلهجة الواثق: «على الأقل، نحن ننجح عبر برامج لبنانية، صناعة وطنية. أي إنها تُطهى في مطبخ القناة، لا عبر بث برامج مشتركة مع محطات خليجية. (غامزاً من قناة lbci). وعن طابع القناة الفرنكوفونية، يبرّر حرب بأنّ القناة تعكس مجتمعنا، نافياً عن الإعلام دوره في هذا المجال، إذ يقول: «الناس عنا بيحكوا هيك. هذه ليست مسؤولية الإعلام بل وزارة التربية. الشعب اللبناني مثقف ومتعدد اللغات ومنفتح على كل الحضارت. وهو لا يتعمد ذلك، كما أننا لا نصطنعه عبر شاشتنا».



مخطوفو أعزاز

رداً على اتهام mtv بالتقصير في النقل المباشر وتغطية بعض الملفات كمخطوفي اعزاز، يجيب موفق حرب: «غطّينا الملف قدر المتاح. هل كان المطلوب منّا القيام بصفقة مع الخاطف أبو ابراهيم؟ إجراء مقابلات تحت الأسر بحسب بروتوكولات جنيف، أمرٌ غير أخلاقي وغير مهني، لأنّ الأسير يكون مسلوب الإرادة وتحت الضغط. جلّ ما نفعله في هذه الحالة هو استغلال مأساة الآخرين، ودعم المجموعات الإرهابية عبر التسويق لها». ويلفت الى أن الغياب عن خبر ما أحياناً لا يتعلق بالسياسة التحريرية بقدر تعلّقه بنقص معدات النقل المباشر، لكن الا تتلقون تمويلاً أميركياً؟ يجيب: «لا نتلقى أي تمويل غير تقليدي يمثل عادة أهم إيرادات المحطات. لا تحت الطاولة ولا فوقها. نركز على إيرادات «استديو فيزيون» عبر تدريب صحافيين، والإنتاجات المشتركة وتأجير استديوهات، وتنفيذ برامج لمحطات عربية في الخارج».