بعكس عنوان ديوانها الأول «أخفي الأنوثة» (دار نينوى)، تفضح الشاعرة السورية نادين باخص نفسها مجازياً، لتقف في مواجهة مع ما هو غائب من حياتها:
الذكر.
تتحدث أحياناً بلسانه ليملي عليها مشاعره، بصورة أقرب إلى البوح والهمس. تطلب منه لاحقاً أن يثبت حضوره في حياتها، فتناديه «افتح مسامك على تضاريسي»، ثم تستحضر ذاتها كأنثى لتعيد تكوينها، عبر الاقتراب من التفاصيل اليومية للحياة في محاولة لإكسابها شكلاً جمالياً جديداً.
تجربة الكتابة الشعرية عند باخص تشبه الولادة أو وصول «جنين الحبر»، فالكلمات تنشأ بعد مخاض طويل لتخرج منه القصيدة مبشّرة بشاعرٍ، بعيدٍ، منسيّ، تُرسم ملامح غيابه بدقة وعفوية.
تسلسل القصائد في الديوان من العام 2004 حتى العام 2011، يعكس التحولات التي مرت بها باخص كامرأة وأديبة وتطور تجربتها السردية.
تلجأ إلى المراهنة على شكل القصيدة كأسلوب للتعبير، مستخدمةً علامات الترقيم كالنقاط والإشارة المائلة بصورة قد تصل الى حد العشوائية. كذلك نلاحظ في الديوان ندرة التناص القادر على إضفاء معان وفضاءات جديدة، عدا قصيدة في ذكرى محمود درويش بعنوان «هذا الرجل لي» حيث تستجدي طيف الشاعر الراحل، في حين أن ندرة وجود صور أصيلة ومميزة جعلت بعض القصائد أقرب إلى الخواطر اليومية وأبعدها عن صفة الشعرية، كما استخدمت «فتاة الصمت» لغة «الأمر» حين خاطبت الرجل، وعكست الدور التقليدي للأنثى عندما تكتب الشعر، حيث لم تؤسس عالماً شعرياً خاصاً بها، بل كان الذكر حاضراً أو غائباً هو المركز.

بعض القصائد أقرب إلى مونولوجات طويلة لامرأة ترفض غياب الرجل الفاعل من حياتها، ما دفعها إلى تقديم مقاربات مختلفة لنماذج متعددة من الذكور، حيث كل منهم يحمل خصائص تُميزه عن الآخر، لترميم صورة ذكر متخيل عند
الشاعرة.
ما يثير الاهتمام أنّ نادين باخص (1984) نشرت أولى قصائدها قبل أن تتجاوز العشرين من عمرها، لتنشر بعدها بفترة روايتها الأولى «وانتهت بنقطة» عام 2009 عن «دار الآداب»، ثم ديوانها الحالي الأول الذي نُشرت بعض قصائده متفرقة في عدد من الصحف والدوريات العربية.
كما ورد اسمها في «أنطولوجيا الشعر السوري» الصادرة عن الأمانة العامة لاحتفالية «دمشق الثقافة العربية 2008».