في 15 تشرين الثاني (نوفمبر)، كان أول ظهور لشركة «جي. أف. كي» في بيروت خلال لقاء جمعها بمدراء القنوات المحلية ووكالات الإعلام والجهات المعلنة. دخلت الشركة الألمانية السوق اللبنانية من خلال فرعها «جي. أف. كي ميديا ريسيرش ميدل أيست GFK .MRME» (تملك الشركة الأم 67% من أسهمه) الذي أقام شراكة لبنانية مع «آراء للبحوث والاستشارات» (33% من الأسهم) عام 2003، حاصراً دراساته بالميديا وتحديداً القنوات التلفزيونية.
GFK التي تأسست عام 1934، تعدّ من بين أربع شركات تتصدر المشهد الإحصائي العالمي، من بينها «نيلسون» الأميركية و«كنتار» البريطانية و«ايبسوس» (ارتسمت علامات استفهام عديدة أخيراً حول أدائها في لبنان). يشرح عضو مجلس إدارة GFK .MRME طارق عمار أنّ القنوات اللبنانية تقدّمت بطلب من الشركة لإجراء دراسات قياس المشاهدة مع التنويه إلى أنّ لبنان من أكثر البلدان التي تضم قنوات خاصة. العمل الفعلي للشركة بدأ قبل 2006، لكن حرب تموز حالت دون استكمال التنسيق مع أصحاب المحطات وشركات الإعلان لتعود الشركة عام 2010 الى العمل الميداني، واستكمال دراستها عن نسبة المشاهدة التي تصدر جزءاً منها في بداية العام، لكنّها ستتواصل أيضاً طوال السنوات الخمس المقبلة.
ينطلق عمار في حديثه عن الشركة من حاجة أصحاب القنوات إلى دراسة دقيقة تكشف أعداد المتابعين وتجريها «شركة كبيرة ذات سمعة في السوق وتعمل وفق المعايير العالمية»، وخصوصاً أنّ السوق الإعلانية في لبنان تعتريها الفوضى الى حد باتت فيه الإعلانات توضع مجاناً على هذه القنوات. هذه الحاجة لا بد من أن ترافقها أجهزة تقنية حديثة تواكب العصر. منذ عشر سنوات حتى اليوم، تغيّر جهاز التلفزيون 3 مرات كما يروي عمار، مما يستدعي «مواكبة تقنية من قبل شركات متخصصة».
يتجنّب عمار الحديث عن «ايبسوس» التي تستولي حالياً على الدراسات والإحصاءات، ولا سيما الإعلامية منها، ويفضل الذهاب الى منطق التلزيم الذي «يجب أن يخضع لتنافسية عبر إجراء مناقصات، وعلى الرابح العمل لمدة 5 أو 7 سنوات في الدراسة على خلاف ما يحصل اليوم من تلزيم لمدة عام واحد». ويرى عمّار أنّ عمل الشركة اللبنانية ـــ الألمانية ستجلب ثقة الى السوق اللبنانية والكل سيستفيد، ولا سيما القائمين على الإنتاج المحلي الدرامي، الذي سيتبين أنه يحظى باهتمام المشاهدين بعد صدور النتائج، مما سيساعده على التطور انتاجياً واعلانياً.
قبل البدء بانتقاء عينة تمثيلية لقياس نسبة المشاهدة للقنوات، قامت GFK MRME بدراسة تأسيسية قبل عام شملت 4400 منزل استندت الى الاتصالات عبر الهواتف الثابتة التي وصل عددها الى 900 الف خط، إضافةً الى دراسة أجرتها وزارة الشؤون الاجتماعية عام 2007 توضح التوزع السكاني للبنانيين. بعدها، بدأت عملية اختيار العينة التي ستخضع للدرس مع التزام معايير مغايرة لشركات الدراسات أهمها: السكن حسب المنطقة لا تبعاً لسجل القيد، وعدد التلفزيونات الموجودة في المنزل، وعدد القاطنين فيه، والدخل، والعمر، والجنس، والعمل، والمستوى العلمي وغيرها. كلّ هذه العناصر تصب في قياس السلوك تجاه مشاهدة القنوات. لهذه الغاية، جلبت الشركة للمرة الأولى إلى لبنان 968 جهازاً للقياس يسمّى «تي في لوجر» صغير الحجم تصنعه شركة سويسرية يقيس نسب المشاهدة بعد تركيبه بجهاز التلفزيون ويضم بطاقة «سيم كارد». هذه الأخيرة تواصل تسجيل «الداتا» لسنوات ويجري تغيير هذا الجهاز في المنازل إذا حصل خلل ما خلال المتابعة (حالة سفر مثلاً). تسجَّل الداتا وتذهب فوراً الى التحليل، وهي غير قابلة للخرق كما يقول عمار، ولا أحد يستطيع التلاعب بالنتائج التي تخضع للتحليل لاحقاً في الشركة الأم «فنسبة 1% مؤثرة في الإعلام والمدخول الإعلاني». تركيب الجهاز طبعاً ليس سهلاً، فكلفة اختيار المنزل هي 500$ إذا لم نضف كلفة التركيب.
في النتائج شبه النهائية، تغيب المقولات الشائعة عن تصدّر محطة معينة المرتبة الأولى كما جرت عادة شركات الإحصاء. في الخارطة الكاشفة لنسب المتابعة عند الشركة، يظهر أنّ هناك تشابكاً كبيراً بين القنوات ومتابعة ما تنتجه بحسب البرنامج والوقت، فتضيع البوصلة في تحديد من هو الأول، لكن بطبيعة الحال هناك ملامح واضحة لتصدر ثلاث محطات الصدارة: lbci و«الجديد» وmtv لتخرقها في أوقات معينة القنوات الأخرى كـ otv، علماً أنّ الأخيرة تحظى بمشاهدة عالية في فترة ما بعد الظهر، كما يغيب التقسيم الطائفي للمشاهدين عن الدراسة. في الخلاصة، تضع الشركة خبرتها واستثمارها الذي بلغ مليوني دولار في هذا العمل الإعلامي لتعطي أعلى المعايير وفق ما يؤكد عمار، فالنزاهة هي «منظومة كاملة لا كلام فقط» مع عمل لفريق محلي يبلغ 28 شخصاً بين تقني وموظف، عدا العاملين في الشركة الألمانية.

يمكنكم متابعة زينب حاوي عبر تويتر | @HawiZeinab




ما لا يعرفه المعلن

في طلائع الدراسة التي ستصدرها شركة GFK .MRME في بداية عام 2014، تتجلى حقائق جديدة حول الدخل وعلاقته بنمط الحياة، مما يسهّل على المعلن عملية استهداف الشريحة المرادة. يتبين مثلاً أنّ بعض الذين يقطنون في مناطق راقية، لا يتعدى دخلهم الـ 800$ لأسباب عديدة منها التقاعد والاعتماد على المغتربين لمدهم بالمال. يأتي ذلك على خلاف عائلة في الضاحية مثلاً يكون دخلها عالياً جداً لكنها لا تقطن في منطقة راقية لأنها ترغب في ذلك. وفي مسألة الدخل بالتحديد، يتبين أن تصريحات الدولة في هذا الشأن غير صحيحة بإعلانها أنّ 40% من اللبنانيين يقع دخلهم الشهري تحت 800$ تبعاً لما قاله طارق عمار.