إنّها الجولة 18 من معارك باب التبانة ــ جبل محسن. قتال، ووحشية، ودماء تسيل في حلقة عبثية... كلّها كلمات تختصر بشاعة المشهد الطرابلسي. واقع، فرض نفسه على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيّام الماضية، فراح روّادها ينشرون صوراً وتعليقات يستنكرون فيها ما يحدث في ظل عجز المسؤولين وسباتهم. بعدما انتشرت صورة على تويتر لأسواق طرابلس بمحالها المقفرة والفارغة من المارّة كأنّها مدينة أشباح، شغلت صورة أخرى لعجوز حاملة السلاح الجمهور لساعات أمس. «إذا لم تكن هناك دولة حامية، توّقعوا كل شيء»، كتبت إحدى المعلقات على الصورة التي نشرها أيضاً مراسل قناة lbci بسام أبو زيد، قبل أن يرد آخر مذكراً بأنّه في طرابلس «إبن الـ6 سنوات يعرف كيف يفك ويركب الـM16». تعليق دفع كثيرين إلى استذكار الفيديو الذي نشر سابقاً في إحدى الجولات السابقة لرجل يدرّب فتاة صغيرة على استخدام الرشاش، إضافة إلى التقرير التلفزيوني الذي سبق أن أعده الزميل رضوان مرتضى وعرضته «الجديد» العام الماضي عن أطفال في عمر العشر سنوات يحملون السلاح والجعب ويطلقون النار في عاصمة الشمال. في موازاة ذلك، وتحت عنوان You Report، نشرت قناة mtv على حسابها الرسمي على تويتر صورة تلقتها من أحد مشاهديها (غصوب شديد) لنورس يغط في المياه قبالة الشاطئ الطرابلسي، علّه يمحو صور الدم الآتية من هناك. وأبرز الصور التي تم تناقلها أخيراً هو لوغو لثلاثة من أصابع اليد الواحدة على خلفية خضراء كتب تحتها: 3poli ــ (Tripoli) أي طرابلس بالإنكليزية.

وهو لوغو تضامني مع عاصمة الشمال اللبناني مستمد من «شعار رابعة العدوية» (علامة من أربع أصابع باللون الأسود على خلفية صفراء) الذي رفع قبل أشهر في مصر، واستوحي من اسم منطقة «رابعة العدوية» في القاهرة حيث كان يعتصم أنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي. كما نُشر مانشيت من أحد أعداد جريدة «اللواء» عام 1983، يؤكد أنّ الجرح الطرابلسي قديم جداً، وهو: «طرابلس تلتهب/ اقتحامات متبادلة وسقوط عشرات القتلى والجرحى/ الجميّل والوازن يتابعان الوضع الخطير وكرامي في دمشق».
بشاعة المشهد الطرابلسي، أجبرت فنانين لبنانيين على التعبير عن موقفهم على تويتر من دون مواربة، مثل الممثلة ورد الخال التي وصفت المسلحين في طرقات «الفيحاء» بالـ«حيوانات»، مضيفةً: «الله يحرق كل شخص حامل بارودة وعم يقنّص. (...) مجرمين منحطّين!». أما زميلتها نادين الراسي، فقد رأت أنّ طرابلس «ضحية السلاح المتفشي بين أبنائها، وتخاذل قادتها السياسيين، وصراع الأجهزة الأمنية»، معتبرةً أنّها «كبش محرقة». وقبل ذلك بساعات، أفصح النجم العربي وليد توفيق عن مشاعره تجاه ما يجري قائلاً: «قلبي عم يبكي عَ اللي عم يصير في طرابلس الحبيبة. قلبي مع أهلي وأصحابي وأهل طرابس... بدعي من قلبي نخلص من لغة الجنون والقتل».
وفي ظل الوضع الراهن، دعت حملة «معاً» (ضد الحرب الأهلية ولبناء دولة المواطن) أمس عبر صفحتها الفايسبوكية إلى التجمّع بعد غد الخميس (17:30) أمام وزارة الداخلية (الصنائع ــ بيروت) لإطلاق صرخة «طرابلس ضد الاقتتال والحرب» كي لا «يحترق لبنان بنار الفتن المتنقلة، ولكي نبقى معاً في هذا الوطن».
إذاً، حاول مستخدمو الـ social media ترجمة غضبهم من نهر الدم السائل في الشمال، وذاك السلام الهش الذي ليس سوى عبارة عن وقت مستقطع بين موتين.

يمكنكم متابعة نادين كنعان عبر تويتر | @KanaanNadine