حين رحل العفيف الأخضر (1934 ــ 2013، الصورة) قبل أشهر، لم يكن الجيل الجديد يعرفه، ذلك أنّه عاش بعيداً عن كل نشاط ثقافي أو سياسي منذ أن غادر تونس مطلع ١٩٦١. بعد أسابيع على رحيله، أصبح المفكر المنشق حاضراً بقوة، وأربعة كتب أصدرتها «دار الجمل» له ستتوافر في معرض بيروت. في «من محمد الإيمان الى محمد التاريخ»، حدد العفيف هدفه بـ«انتزاع نبي الاسلام من التخاريف وإعادته الى التاريخ». هكذا، خاض في السيرة المحمدية مروراً بتعريف مفهوم النبوة وصولاً الى الاسلام المكي وعقلانية الاسلام. الكتاب الثاني «إصلاح الاسلام بدراسته وتدريسه بعلوم الأديان» صدر في الأصل كمقال بعنوان «لماذا إصلاح الاسلام» في موقع «الأوان»، ليتحول لاحقاً الى منطلق لمحاورة جمعت العفيف بالصحافيين المغربيين ناصر بن رجب ولحسن وريغ.

وفي هذا الكتاب/ المحاورة، يتحدث عن طفولته وعلاقته بأمه والتربية الجنسية وتغييب العقل في الثقافة العربية الاسلامية، داعياً الى إصلاح الاسلام وتخليصه من الخرافة والشعوذة.
ويخصص كتابه الثالث لـ«إصلاح اللغة العربية». كان العمل في الأصل مساهمة صدرت ضمن الكتاب السنوي «قضايا فكرية» بعنوان «الأصولية تعيق تطور العربية» في التسعينيات. يطالب الأخضر فيه بضرورة تخليص اللغة العربية من المصطلحات التي تتنافى مع مفهوم المواطنة وحقوق الانسان والمساواة بين الرجل والمرأة.
أما الكتاب الرابع «رسائل تونسية»، فيحذّر فيه من خطر الإسلاميين على الدولة وإرث بورقيبة التنويري، داعياً القوى التقدمية الى بناء جبهة جمهورية تتصدّى للمشروع الوهابي الذي يحلم به زعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي. أربعة كتب تقدم وجوهاً مختلفة من شخصية العفيف الاخضر هي في النهاية روحه المنتصرة للعقل والتفكير والتنوير. ها هو يحيا اليوم ويزداد حضوراً بعد غيابه الأبدي.