«ثبتوا الأجسام القابلة للتطاير، ثم إياكم أن تغامروا بحياتكم في مشوار نحو مناطق تتجمّع فيها السيول، ولا تنسوا أن تملأوا براداتكم بالطعام والشراب، وأن تهتموا بخزانات المازوت. وإذا انزلقت السيارة وأنتم على الطريق، ارفعوا أقدامكم عن الفرامل وأديروا المقود بالاتجاه المعاكس. وإذا صعب عليكم أي شيء، فاتصلوا بطوارئ الدفاع المدني». هكذا تعاملت «المنار» وغيرها من القنوات اللبنانية مع العاصفة «ألكسا».

كذلك، لم تبخل «المنار» بالمرور على أحوال اللاجئين السوريين في المخيمات، حين ذكرت بأنّ «وزارة الشؤون الاجتماعية» و«المفوضية العليا للاجئين» في حالة استنفار لتأمين كل مستلزمات الحماية.
لعلّها المرة الأولى التي يؤدي فيها الإعلام اللبناني دوراً في إرشاد المواطنين وتوعيتهم ومدّهم بخطة طوارئ لمواجهة العاصفة، إلا أنّ التركيز الإعلامي ــ وربما التضخيم ــ إزاء العاصفة أشاع نوعاً من القلق والخوف والترقّب في الأجواء قبل أن تأتي «ألكسا» أو ترسل ابنها «يورغو»!
هكذا، أعدّت المحطات اللبنانية تقارير عن العاصفة ممزوجةً بخفة الدم ومحاولة الابتكار. مثلاً، وضعت lbci زاوية ثابتة على موقعها الالكتروني لآخر أخبار «ألكسا» وعنونت إحدى الفقرات الإخبارية «ليل ورعد وبرد وريح... ألكسا برا مجنونة»، حيث نقلت تصريحات المسؤولين، ووضعت أرقام الطوارئ بين أيدي المواطنين، وبشّرتهم بالجاهزية العالية لمؤسسة الكهرباء، ووعدها القاطع بأن تكون الخدمة عالية الجودة خلال العاصفة خلافاً لبقية الأوقات! أما تلفزيون «الجديد»، فقد أراد كسب السبق.
توجّه أول من أمس إلى النازحين السوريين في البقاع ليعدّ تقريراً مطولاً افتتحته نوال بري بالتنويه إلى أنّ العاصفة ستكشف عن فساد إداري في البلاد ثم صوّبت عدستها نحو مجموعة أطفال مبتهجين بقدوم العاصفة.
علّقت بري هنا بأنّهم يظنون أن العاصفة ستحمل لهم الفرج المنتظر، ولا يعلمون أنّها ربما ترسم على وجهوهم آثار البرد والمرض والتشرد إذا نالت من خيمهم. واستطردت المراسلة لتصل إلى ذروة التشويق.
التقت طفلة تتقي البرد القارس بغطاء قديم فسألتها: «بردانة إنت هلأ؟ فتجيب «إيه»، لتسأل المراسلة «بكرا بس تجي العاصفة، شو رح تعملي؟» فترد الطفلة «أموت من البرد». يستحق النازحون الذين يسكنون العراء تحقيقات تلفزيونية حقيقية تبحث بطريقة منطقية عن حلول إسعافية تنقذ هؤلاء أو تربطهم مع منظمات انسانية. هي ليست المرة الأولى التي تمر فيها عاصفة في لبنان، لكنّ الإعلام جعلها شغله الشاغل، لعله يبتعد ربما عن أخبار الدمار والقتل المنتشرة في كل مكان.