عام مأسوي جديد ينضم إلى تاريخ الصحافة. حصد 2013 المزيد من القتل والخطف والاعتداءات في مختلف مناطق النزاع، وتمثّلت أبرز الأحداث على الساحة الدولية في ما فعله مسرّب وثائق الأمن القومي الأميركي (NSA) إدوارد سنودن الذي طرح أسئلة وتحديات مصيرية عن مستقبل الصحافة التقليدية. الصدمة التي أحدثها إدوارد سنودن بكشف فضائح التجسس الأميركي على العالم، أربكت الإعلام الغربي الذي شُغل بالطريقة المثلى التي يجب أن يتعامل بها الإعلام التقليدي مع ظاهرة التسريب وإعلام النشطاء.
وضع الإعلاميين السيّئ شكّل صلب التقريرين الصادرين أخيراً عن منظمة «مراسلون بلا حدود» و«لجنة حماية الصحافيين». الأولى أعلنت أنّه في مقابل ازدياد الصحافيين المخطوفين بشكل لافت، سجّل عدد الضحايا (71 قتيلاً) في صفوف أهل «مهنة المتاعب» هذا العام تراجعاً بنسبة 20% عن سابقه. ووضعت المنظمة سوريا والصومال على رأس الدول التي تشهد أكثر حالات وفاة في صفوف الصحافيين. وقبل أكثر من شهر من نشر تقريرها السنوي، كانت «مراسلون بلا حدود» قد أصدرت تقريراً آخر أشارت فيه إلى احتلال سوريا المرتبة 176 ضمن تصنيفها للدول التي تحترم حرية الإعلام، مشددة على عدم تسجيل الدول التي هبّت عليها رياح «الربيع العربي» تقدماً كبيراً. وبحسب المنظمة المعنية بمراقبة حرية الصحافة، حققت مصر تقدماً طفيفاً (بقيت في المركز 151)، لكنّ عهد الفريق عبد الفتاح السيسي شهد تضييقاً على الإعلاميين فاق عهد محمد مرسي، بينما تراجعت تونس أربع مراتب (138). وصحيح أنّ ليبيا تقدّمت 23 مقعداً، إلا أنّها بقيت في المرتبة 131. وفي إطار التضييق على الحريات، حجبت السلطات الأردنية أكثر من 250 موقعاً إلكترونياً بحجّة عدم الترخيص وفق قانون المطبوعات والنشر المعدّل، وأُغلقت صحيفة «العرب اليوم»، فضلاً عن الكثير من الاعتقالات والتجاوزات بحق مغردين وإعلاميين وناشطين في السعودية، وتونس، والبحرين، والكويت، ومصر، واليمن.
من جهتها، تطرّقت «لجنة حماية الصحافيين» إلى اختطاف الصحافيين في الدول العربية، موضحةً أنّ 49 خطفوا في سوريا العام الحالي، إضافة إلى 14 في ليبيا. ومن أبرز الإعلاميين المختطفين في سوريا، فريق قناة «سكاي نيوز عربية» المؤلف من المراسل الموريتاني إسحاق مختار، والمصوّر اللبناني سمير كساب. وفيما كانت المفاوضات الروسية ــ الأميركية على مصير الأسلحة الكيميائية السورية جارية، استيقظ الإعلام الغربي فجأة إلى وحشية الجماعات الإرهابية في سوريا، إذ نشرت مجلتا «باري ماتش» الفرنسية والـ«تايم» الأميركية صوراً تجسّد «بشاعة» تلك الجرائم، فيما استمرّت القنوات العربية في لعبة الاستقطاب الحاد بين المعارضة والنظام في سوريا.
وفي إطار انعكاسات التحولات السياسية على المشهد الإعلامي، قدّم المدير العام لقناة «المنار» عبد الله قصير، استقالته قبل أيّام على خلفية الاعتذار الذي قدّمته «المجموعة اللبنانية للإعلام» (قناة «المنار» وإذاعة «النور») لـ«هيئة شؤون الإعلام في البحرين» بخصوص «تغطيتها لأخبار البلاد في الفترة السابقة» وما تلاها من ضجة واستهجان في صفوف جمهور المقاومة.
وسط هذه البلبلة في المشهد، انطلقت مؤسسات عربية جديدة، منها قناة «الغد العربي» التي تتخذ من العاصمة البريطانية مقراً لها وأبصرت قناة «الجزيرة أميركا» النور من نيويورك. ومن سوريا، انضمت إلى الفضاء العربي شاشة «عروبة» الرسمية، سبقتها قناة «تلاقي» مقابل انتشار المواقع الإلكترونية المعارِضة للنظام كالفطر في الفضاء الافتراضي. وسجّل 2013 رحيل كبيرة مراسلي البيت الأبيض ذات الأصول اللبنانية هيلين توماس (1920 ــ 2013) في تموز (يوليو) الماضي، وتوفيت أيضاً الصحافية اللبنانية في إذاعة «بي. بي. سي» رولا الأيوبي (1973 ــ 2013).

يمكنكم متابعة نادين كنعان عبر تويتر | @KanaanNadine