في وقت انخفضت فيه ميزانية وزارة الثقافة الجزائرية لهذا العام بنسبة 14%، قررت الأخيرة إطلاق ما يسمّى «المجلس الوطني للثقافة» كرد على مبادرة فنانين مستقلين أسسوا العام الماضي «حركة الفنانين والمبدعين الجزائريين الأحرار» التي طالبت بإقالة الوزيرة خليدة تومي (الصورة) ورد الاعتبار للفنان. ويهدف المجلس إلى «مساعدة الفنان وإلغاء معاناته وتهميشه». لكنّ الكثير من الفنانين والمثقفين الجزائريين أعربوا عن عدم تفاؤلهم بمشروع تأسيس «المجلس الوطني للثقافة» الذي يُفترض أن يجمع بين مختلف أطياف المثقفين والفنانين، ويوحّد صوتهم ويعيد إليهم جزءاً من حقوقهم المادية والمعنوية.
باختصار، هم لا يرون فيه إلا تكريساً لمشاريع سابقة كان مصيرها الفشل.
الممثلة المخضرمة فريدة كريم تقول إنّ المجلس لن يغيّر شيئاً من الوضع الراهن: «سيظل الفنان الجزائري يعاني من الإشكالات نفسها، ويركض وراء كسب لقمة العيش، واسترداد حقوقه المادية. الفنان الجزائري كان ولا يزال يعاني الأمرّين قبل نيل حقوقه من إنتاجاته الرمضانيّة وتعاونه الفني مع المؤسسة العمومية للتلفزيون التي تحتكر القطاع السمعي البصري منذ الاستقلال» (1962).
التشاؤم نفسه تعبّر عنه الممثلة عتيقة طوبال التي أعلنت العام الماضي نيتها الدخول في إضراب عن الطعام، تضامناً مع فنانين يعيشون ظروفاً اجتماعية صعبة. وتعليقاً على مشروع المجلس، قالت: «أرجو أن يُنظر في حال الفنان الذي يموت في صمت». وأضافت: «كل ما يطلبه الفنان هو أن تتغيّر وضعيته المهنية والاجتماعية، وأن يتمتع بالحقوق ككل الفنانين في العالم، بعبارة أخرى أن يوضع في الإطار الذي يستحقه». خطوة الوزارة الهادفة إلى جمع شتات الفنانين تحت سقف واحد أثارت العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام، وخصوصاً بسبب توقيتها وإقرارها متأخرة، ثم تزامنها مع قيام «حركة الفنانين والمبدعين الجزائريين الأحرار» بتصعيد نبرتها، وتهديدها بالخروج في اعتصامات في الشارع وفضح واقع الفنان الجزائري أمام الرأي العام في حال استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم. هذه الحركة التي تضم أسماء معروفة، مثل فاطمة حليلو، وكمال بوعكاز، أعلنت خلال الربيع الماضي بداية نشاطها الاحتجاجي من خلال اعتصام أقيم في ساحة عبد القادر علولة أمام المسرح الوطني في الجزائر العاصمة. وأشارت الى نيتها مواصلة الاحتجاجات أمام ازدياد الفساد وسوء إدارة المؤسسات الثقافية والمهرجانات الفنية وتبديد المال العام.