القاهرة | «قبل الأوان بأوان، ظهر خطر جماعة الإخوان»، هذا ما كتبه قسم كبير من المهتمّين بالفنّ والسينما في مصر على مواقع التواصل الاجتماعي. جاء ذلك بعدما صدر قرار عن «هيئة الرقابة على المصنّفات الفنيّة» بسحب فيلم «واحد صحيح» من دور العرض لإعادة تقويمه مرة أخرى، وحذف بعض المشاهد والألفاظ «الخارجة عن الآداب العامة»، كما قال رئيس جهاز الرقابة سيد خطاب. وكشف أنّه قرر «تشكيل لجنة لمشاهدة الفيلم من جديد بعد أسبوع على انطلاق عروضه التجارية ... بعدما تلقيت ردود فعل غاضبة من الألفاظ التي تقولها الممثلة بسمة في الفيلم». وأضاف إنه «في حال التوافق على ضرورة كتم الصوت في هذه المشاهد، فإن ذلك هو ما سيحصل». إذاً، رغم الثورة، لا تزال الرقابة موجودة، ويتعايش معها صنّاع الأفلام المصرية، رغم ارتفاع أصوات تطالب بإلغائها «لأن حرية الإبداع جزء أساسي من الحرية التي طالبت بها «ثورة 25 يناير»». وقد وقعت ضحية هذه الرقابة مجموعة من الأعمال، تارةً بحجة «غرابتها عن المجتمع المصري»، وطوراً بحجة «تعارضها مع الدين» كما حصل مع فيلم «الملحد».
لكن ما حصل مع «واحد صحيح» (إخراج هادي الباجوري وتأليف تامر حبيب وبطولة هاني سلامة وبسمة) يتخذ بعداً أخطر. إذ إنّ العمل سُحب بعد طرحه في الصالات. وهو ما يعيد إلى الأذهان حادثة فيلم «الكرنك» (1975 ـــ إخراج علي بدرخان وبطولة سعاد حسني وكمال الشناوي ونور الشريف) الذي واجه المصير نفسه. وقتها، قرر الرقيب سحبه من دور العرض وحذف عدد من المشاهد التي تنتقد الحال داخل السجون المصرية، وخصوصاً في حقبة الستينيات. وها هو الأمر نفسه يتكرّر اليوم، و«كأن الثورة لم تحصل» حسب تعليق أحد الناشطين.
إلا أن تامر حبيب، مؤلف «واحد صحيح»، يقول إن الرقابة أجازت عرض العمل «ولا أعلم شيئاً عن اللجنة الثانية التي ستشاهده»، لكنه توقع أنه لو شكِّلت لجنة «ستقدّم بعض الملاحظات على المشهد الذي يجمع بسمة بعمرو يوسف لأنني أعلم أنه كان صادماً. مع ذلك، أرى أن الألفاظ الواردة في العمل عادية جداً ونستعملها في حياتنا اليومية». وهذه العبارات «الخادشة للحياء» نفسها كانت قد استعملت في أفلام سابقة مثل «أوقات فراغ» كما يقول حبيب. ويلمّح هذا الأخير إلى احتمال ارتباط القرار بضغوط من جماعة «الإخوان المسلمين»، أو تيارات الإسلام السياسي التي فازت بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، مضيفاً «لو كان هذا القرار بعد ضغوط من الإخوان أو غيرهم، فهي حالة جبن لا يجب أن نقبلها». ويأتي هذا القرار بعد أيام من لقاء جمع نقيب الممثلين أشرف عبد الغفور بمرشد الإخوان، تطرّقا خلاله إلى ما يعرف بـ«السنما النظيفة». وهنا تحديداً يعبّر تامر حبيب عن استغرابه للقرار: «سيد خطاب هو الذي أجاز عرض الفيلم، وهو نفسه الذي يشكّل حالياً لجنة ثانية لمشاهدته ... هذا أمر غريب وغير مفهوم». إلا أن علامات الاستفهام لا تقف عند هذا الحدّ. قبل عرض «واحد صحيح»، بدأت الصالات بإذاعة المقدمة الإعلانية لفيلم «بنات العم» الذي سيطرح قريباً. وفي الإعلان ينقطع الصوت عندما يلفظ الممثل إدوار «عبارة خادشة للحياء». وهي العبارة نفسها التي تقولها بسمة في «واحد صحيح» التي لم تلفت نظر الرقابة عند إجازة عرض العمل.