دمشق | منذ مدة، أعلن سامر خضر نيته تصوير مسلسل بوليسي يحمل عنوان «أبواب الحقيقة» يعرض قصصاً بوليسية مستوحاة من عالم الجريمة. أراد المخرج الأردني الفلسطيني أن يتفاعل المُشاهد مع المسلسل عبر توريطه في محاولة كشف خيوط الجريمة، والمشاركة في مسابقة خاصة بالعمل والدخول في قرعة ليكون هناك فائز في كل حلقة! وبالفعل، باشر خضر تصوير المسلسل وأنجز منه 13 حلقة ثم توقف فجأة عن التصوير! لقد غيّر وجهته وقرّر تأليف وإخراج فيلم روائي طويل بعنوان «ويبقى الوطن» يقارب التطوّرات في سوريا ليُعرض في العديد من الصالات، ويعود ريعه إلى أسر شهداء الأحداث الأخيرة من المدنيين والعسكريين. سامر خضر الذي شارك مع وفد الفنانين السوريين الذين ذهبوا إلى القاهرة للاحتجاج على تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، يؤكد أنّ العمل سيعكس وجهتي نظر الموالين والمعارضين، مع أنّ المعطيات تدلّ على أنّ العمل سيميل إلى رواية النظام ونظرته إلى الثورة السورية. لكنّه يقول في حديثه مع «الأخبار»: «منذ بداية الأزمة وكل مواطن سوري يبحث عن مساحة ينتمي إليها وتعبّر عنه.
شخصياً، أجد تقاطعاً واضحاً مع بعض الفنانين والإعلاميين السوريين بالانتماء القاطع إلى دم الشهيد لأنه الحقيقة الوحيدة الدامغة في كل ما يجري من أحداث. وقد اخترت أن أتجه نحو السينما على اعتبار أن نشرات الأخبار تزاحم المسلسلات التلفزيونية وتتفوق عليها في حجم المشاهدة. من هنا قررت أن أقدم فيلماً روائياً طويلاً على مدار ساعتين بعنوان «ويبقى الوطن» ليكون التعبير الأصدق والأمثل عما يخالجنا من أحاسيس ومشاعر تجاه أوطاننا».
وعن المشاركين في هذا العمل، يوضح خضر أنّ الفيلم سيكون من بطولة مجموعة من نجوم الدراما السورية منهم: وائل رمضان، رنا أبيض، رنا شميس، تولاي هارون، زهير عبد الكريم، ووفاء موصلي، إضافة إلى مجموعة من الوجوه الجديدة من الأردن، على أمل يكون الشريط جاهزاً في آذار (مارس) المقبل ليعرض في الصالات السورية، إضافة إلى عرض تلفزيوني موحّد على المحطات السورية المهتمة بما يجري من أحداث. أما عن فكرة الفيلم، فيوضح خضر أنّ الحكاية لا تحتمل التصريح حتى لا تسقط الدهشة المحتملة لدى المشاهد، لكن «الشريط يركز عموماً على وجهتي النظر كانعكاس للشارع السوري من دون مزايدة على أحد أو إلغاء أي طرف. القصة تبتعد عن إطلاق الأحكام واعتبار أن المعارض خائن والموالي منافق. إنها تركز على ضرورة وجود الولاء والمعارضة في آن واحد، وعلى الوقوف ضد تحويل المعارضة إلى سلوك مسلّح». ويلفت خضر إلى أنّه ما زال في مرحلة استطلاع أماكن التصوير، على أن تدور الكاميرا في دمشق ومجموعة من المحافظات السورية في نهاية الشهر الجاري. من جهة ثانية، ينفي خضر أن يكون لـ«المؤسسة العامة للسينما» أي صلة إنتاجية: «هناك سيدة سورية تبرعت بميزانية الفيلم وطلبت عدم ذكر اسمها، على أن يُوزّع ريع هذا الشريط على أسر الشهداء بالتنسيق مع الجهات المعنية بالأمر».
ومن المفترض أن تجسّد رنا شميس «دور شابة وطنية تنخرط مع مجموعة متطوّعين في مهمة الرد على التزوير والفبركة الإعلامية من خلال النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي، والشبكة العنكبوتية». وعن هذا العمل، تقول شميس في اتصال مع «الأخبار»: «لم أبرم اتفاقاً نهائياً لتأدية الدور، لكنّني متحمسة للخطوة؛ لأن الشريط يعرض بدقة ما يحدث على أرض الواقع، وهي أول تجربة سينمائية تلامس واقع الأزمة السورية عن قرب، وتدخل في حيثياتها وتكشف عن جزء من حقيقة ما يجري في هذه المرحلة العصيبة». بدورها تؤكد النجمة السورية رنا أبيض خبر مشاركتها في الفيلم وتصرّح لـ«الأخبار»: «سأجسّد دور إعلامية، وهذه مغامرة حقيقية لما لهذه المهنة من دور حسّاس، وخصوصاً في المراحل الأخيرة من عمر المنطقة. وشخصيتي في الفيلم تعكس حقيقة ما جرى ويجري في الإعلام العربي، وخصوصاً ما يخص سوريا. وهي شخصية متقلبة ومتعددة الأوجه تمر في تجربة تجعلها تتجه نحو الخيانة». وتشرح أبيض أنّ للفيلم خصوصية شديدة على اعتبار أنه «أول عمل سينمائي يلامس الأوضاع في سوريا لكنها حالة من التحدي الحقيقي، وهي مسألة ضرورية في الفن، خصوصاً في ظروف استثنائية كالتي نمر بها اليوم». ولفتت الممثلة السورية إلى العبء الإضافي الذي سيقع على عاتق مخرج الفيلم لكونه سيقدم قصصاً عايشها المشاهد على تماس مباشر.
إذاً، بعد فشل المحاولات التلفزيونية التي خرجت على عجل لملامسة الراهن السوري، ها هي أولى المحاولات السينمائية تتصدر المشهد مع تكريسها لتوجيه جزء من العمل نحو الجانب الخيري. على أن يكون الجمهور صاحب الكلمة الفصل في ما سيقدمه سامر خضر.



الإنتاج يستعيد عافيته؟

يبدو أن عجلة الإنتاج الفنّي بدأت تتحرّك في دمشق ولو ببطء. بعد فيلم «ويبقى الوطن» لسامر خضر، عقدت «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي» أول من أمس مؤتمراً صحافياً في مناسبة إطلاق أول أعمالها الدرامية للعام 2012. المسلسل الجديد هو «الأرواح العارية» من كتابة فادي قوشقجي وإخراج الليث حجو. ويشارك نضال سيجري في العمل بصفة التعاون الفني، إضافة إلى المخرج فراس دهني المدير العام للمؤسسة، والمشرف على إنتاج المسلسل.