لم تنتهِ قضيّة «مسرح بيروت» بعد. تجاوب وزير الثقافة اللبناني كابي ليوّن مع الفنانين المطالبين بإنقاذه من الزوال، وأصدر قراراً بإدراج الصرح العريق على لائحة الجرد العام للأبنية التابعة للمديرية العامة للآثار. لكن تلك المبادرة لم تحل دون إقفال أبوابه، وتعليق العروض التي كانت مقرّرة على خشبته أواخر الشهر الماضي. ولأنّ الهدف الأساسي حماية المسرح كفضاء ثقافي لا كبناء أثري، فإن المجموعة التي قادت التحرّك الاحتجاجي للحفاظ على المسرح، تواصل التفاوض مع الجهات المعنيّة في وزارة الثقافة، بهدف بلوغ صيغة تبقي على «مسرح بيروت»... مسرحاً.
ورغم أهميّة القرار الوزاري، يشدّد الناشطون على وجود بعض الثُّغَر القانونيّة فيه. وفي هذا السياق، أجرى الحقوقيون في المجموعة المدافعة عن المسرح، سلسلة اجتماعات مع مستشار وزير الثقافة القاضي رزق الله فليفل، والمشرف على المديريّة العامة للآثار أسعد سيف. وطالب الحقوقيون بتطبيق قانون الممتلكات الثقافية الصادر عام 2008 على حالة «مسرح بيروت»، بوصفه تراثاً غير مادي، تنطبق عليه مفاعيل اتفاقية «الأونيسكو» المتعلقة بحماية التراث الثقافي غير المادي... لهذا، فحيثيّات قضيّة «مسرح بيروت»، إن وصلت إلى خواتيمها السعيدة، ستتحوّل إلى سابقة قانونيّة. وبحسب المجموعة الناشطة في القضيّة، فالهدف من المفاوضات مع وزارة الثقافة، هو تقديم «حلول عمليّة، لا تكبّد الوزارة أعباءً مادية ضخمة، وتسمح لها بالحفاظ على المكان، من دون إلحاق أضرار ماديّة بمصالح المالكين».
من جهة أخرى، في سياق انقراض الفضاءات العامة المخصصة للمسرح في العاصمة، يواجه الوزير ليّون مطالب أخرى... فقد وجّهت إليه المسرحيّة اللبنانيّة المقيمة في باريس رولا يحيى دعوة إلى تحريك مطلب إنشاء المسرح الوطني اللبناني. وكانت مجموعة من المسرحيين والممثلين قد رفعت إلى الوزير عريضةًً ضمّت ألف توقيع للمطالبة بإنشاء المسرح الوطني، في الباحة المجاورة لقصر «الأونيسكو». ويقول المبادر إلى العريضة، المسرحي هشام زين الدين، إنّ المجموعة نفسها رفعت الطلب إلى الوزير السابق سليم وردة، لكنّ القضيّة طويت في الأدراج، بحجّة عدم توافر ميزانيّة. «هناك تقصير تاريخي في مسألة إنشاء مسرح وطني»، يقول زين الدين، محيلاً على الأعباء الماديّة التي يمكن أن يزيلها مشروع مماثل عن كاهل العاملين في فنون الفرجة. ويضيف: «أليس عاراً ألا يكون في لبنان مسرح وطني، أسوةً بكلّ دول العالم؟». الأنظار متوجّهة من جديد إلى كابي ليّون؟