الجزائر | من سوء حظ سكان قرية عين قشرة في ولاية سكيكدة (شرقي الجزائر العاصمة) أنّ احتجاجهم على انقطاع التيار الكهربائي ومهاجمتهم لمقرّ البلدية تزامن مع بث حلقة من حلقات المسلسل التركي «وادي الذئاب». هكذا اختارت جريدة «الشروق» أن تجمع بين الحدَثَين، وتكتب على إحدى صفحاتها: «المسلسل التركي وادي الذئاب يخرّب بلدية عين قشرة»، شارحةً أن سبب الاحتجاج الشعبي هو عدم تمكّن سكّان القرية من مشاهدة المسلسل. وبسرعة، تناقلت المواقع الإلكترونية هذا الخبر الذي تحوّل إلى مادة للسخرية من سكّان القرية على الشبكة العنكبوتية.
إذاً في وقت يعيش فيه العالم العربي منعطفاً تاريخياً تجتاحه ثورات شعبية تطالب بالحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، كان هذا الخبر مادة مثيرة للقراء. وتهافتت تعليقات هؤلاء على المقالة التي تتناول الموضوع، ساخرة من المواطنين المحتجين، واستهجنت إقدامهم على تخريب الأملاك العامة من أجل مسلسل. وكتب أحد القراء: «أفيقوا يا جهلة. ما قمتم به فضيحة. أردتم التفرج على مسلسل، فجعلتم العالم يتفرّج علينا». واكتفى آخر بوصف المحتجين بأنهم «شباب ضائع وتافه». أما آخر، فعلّق على الموقع الإلكتروني لإحدى الصحف المصرية: «فعلاً، أصحاب العقول في راحة. الناس دي عايشة في دنيا غير الدنيا». لكن القصة لم تنتهِ هنا. الكهرباء عادت إلى القرية، لكن السكان تابعوا احتجاجهم في اليوم التالي. أما السبب هذه المرة فهو رغبتهم في حرق مقرّ صحيفة «الشروق» التي نقلت الخطأ المغلوط الذي شوّه صورة القرية. ورأى المواطنون الغاضبون أن الجريدة نقلت صورة مزيفة عما حدث، وأنها «اكتفت بنقل كلام رئيس الدائرة الذي أراد تحجيم الاحتجاج حين ادعى أن من قام به هم مراهقون ساءهم انقطاع الكهرباء أثناء بث مسلسل «وادي الذئاب»».
هذه القصة طبعاً ليست يتيمة. يومياً، يمكن رصد عشرات المقالات المشابهة في الصحف الجزائرية التي يفتقد بعضها أبسط قواعد العمل المهني والأخلاقي، وغالباً ما تتجاوز الحقيقة فقط لرفع سقف مبيعاتها. مثلاً قبل سنة، شهدت الجزائر موجة احتجاجات شملت معظم المناطق. ورغم أن ما حدث كان ثورة أشعلها الشباب ضد الظلم وانعدام العدالة الاجتماعية ووصول الأوضاع الاقتصادية إلى مستوى لا يطاق، إلا أن الإعلام الجزائري، الرسمي والخاص، اتفق على تسميتها ببساطة «أحداث الزيت والسكر»، معتمداً الرواية الرسمية التي قالت إن ما حدث هو مجرد أحداث معزولة لمراهقين احتجوا على ارتفاع أسعار الزيت والسكر!