غزة  | بعد إخراجه «مونولوجات غزة» التي جالت على عواصم العالم العام الماضي، وشارك فيها شبان وفتيات عاشوا ويلات الحرب، قدّم المخرج المسرحي علي أبو ياسين أخيراً عمله الجديد «شقة بطالة أترمال» على خشبة «مسرح عشتار» في غزة. في هذا العرض، أشرك علي أبو ياسين الجمهور بوصفه جزءاً أساسياً من العمل وليس متفرجاً فقط، على طريقة المعلّم البرازيلي أوغوستو بوال مؤسس «مسرح المقموعين». تُجسّد هذه التجربة المشهديّة، الأولى من نوعها في القطاع، لحظة كسر الحاجز أمام الجمهور الغزّي الذي تعوّد أن تُملى عليه الرسائل بمختلف أنواعها وأشكالها من الداخل والخارج! وهذا تحديداً ما دفع المخرج علي أبو ياسين إلى تنفيذ عمل مماثل، رغبةً منه في فتح مجال لحرية التعبير من
جهة، ومن جهة أخرى التطرق لأبرز مشكلات الشباب الغزّي من بطالة وغلاء الشقق وازدياد المشاكل النفسية والطلاق وتناول المهدئات. هذه الإشكاليات مثّلت محور العمل المسرحي. تدور قصة العرض حول فتاة وشاب غزيين اتفقا على الزواج.
الشاب حسين يريد الزواج بندى حالما يحصل على وظيفة. لكنه لم يتوقع أن يشترط والدها منه مهراً تفوق قيمته ما اقترضه من المصرف. مع ذلك، يتفقان على قيمة مهر ترضي والد الفتاة. إلا أنّ مشكلة أخرى تعترضه، هي الشقة! يقف حسين عاجزاً لا يملك وسيلة للتفاوض مع والد الفتاة المصر على بيت خاص لابنته في وقت يسجل فيه غلاء الشقق أرقاماً غير مسبوقة في غزة.
يقابل ذلك المشهد مشهد آخر: يتقدم أحد أبناء رجال الأعمال المشهورين لخطبة ندى، فيقبل والدها تزويجها له، حتى من دون طلب مشورتها.
المشهد الثالث يعرض ما آلت إليه الأمور من تدهور في العلاقة بين الزوجين بسبب الأسلوب الذي جرى فيه الزواج وتدخّل والد الزوج في علاقتهما، وصولاً إلى عدم احترام الزوج لمشاعر ندى، ما أدّى بهما إلى الطلاق.
عند هذه النقطة، يتوقف العرض التمثيلي لفريق الشباب المشارك في العمل، ثم يبدأ تمثيل العرض من جديد وسط تفاعل
جماهيري.
تُستبدل الأدوار السلبية بأخرى إيجابية يرتجلها الجمهور
بنفسه.
في تلك اللحظة، بدا المسرح الغزّي في أشد حالات تعطشه إلى منبر مفتوح، ولو كان رمزياً؛ فالمهم أن يستطيع إيصال صوته فقط. من جهته، يأمل أبو ياسين من خلال عرضه العودة بالمسرح بوصفه أداة نضال وأمل تمنح الشباب ـــــ خصوصاً الفلسطينية ـــــ القوة والقدرة على التغيير وسط حمى التغيير التي تجتاح العالم
العربي.