طهران | عندما دخل مجيد مجيدي مسرح «كوداك» في لوس أنجليس، وقف الجميع يصفّقون بينما كان يتقدّم ببطء على السجادة الحمراء والممثلون يقفون ليحيّوه على ترشيح فيلمه «أطفال الجنة» لأوسكار أفضل فيلم أجنبي. كان ذلك عام 1998. أخبر أصدقاءه بعدها أنه في تلك اللحظة، عرف ذروة النشوة. تساءل قائلاً: «يا الله كيف سأعود إلى بلدي بعدما اختبرت هذا المجد!». أيام قليلة في لوس أنجليس، وجد بعدها المخرج الإيراني نفسه يحزم أمتعته ويعود إلى بلاده. مظاهر الترف لم تناسبه، واكتشف أنّه أينما حلّ سيبقى هو نفسه: ابن بلد لا يعرف الكثير من مظاهر الترف. مجيدي مخرج بخمس نجوم في إيران. لكن خارج موقع التصوير، يمكن أن تراه مع عباس كياروستامي، ينتظران دورهما في الصف الطويل أمام أحد المحال التجارية. طهران تشبه ابنيها، أو الأبناء يشبهون مدينتهم. ليست مدينة محبّة للترف. كل شيء فيها بالغ البساطة. لا تعرف سوى زخرفة إسلاميّة، تمزج فيها الأزرق والأبيض.

جزء من تاريخ إيران حاكته أيدي نسائها على النول. في متحف السجاد، تقرأ القصة. سجاد يعود إلى قرون غابرة، تتمثّل عليه رموز العبادات القديمة، تغيّر الفصول وطبيعة إيران، وأخرى تمجّد الشاه وعائلته. بين رسوم بعض السجاد، تجد مخبأة العلامات الإثنتي عشرة للأبراج الفلكيّة. من هنا تستشف أهميّة هذه الرموز وعلم الفلك والنجامة في حياة الفرس.
من التراث الإيراني، أيضاً، ينبش رضا أمير خاني مادة رواياته. الكاتب من بين الأشهر في إيران. يبيع آلاف النسخ من رواياته التي ترجمت إلى الروسية ولغات أخرى، لكنه لم يترجم إلى الإنكليزيّة أو الفرنسية والاسبانية، أي اللغات التي تسمح لرواياته بالانتشار الواسع. يقول أمير خاني إنّ «المشكلة أنّ الغرب لا يعير اهتماماً لـ«إيرانيي الداخل»، يهمّه فقط مثيرو الضوضاء ضدّ النظام». لكن أمير خاني قادر على العيش بيسر من عائدات كتبه في إيران، فالاهتمام بالثقافة في طهران جليّ للزائر. لعلّ مكتبة المرجع آية الله المرعشي النجفي في قم مثال على ذلك. المدخل إليها لا ينبئك أنك تدخل مكتبة. في الغرفة الأولى يرقد المرعشي النجفي في قفص صغير، أرضه مفروشة بمال النذور. «حافظ التراث الكبير» كما يلقّبونه، توفي عام 1990 في السادسة والتسعين. اشتهر بجمع التراث. مكتبته هي بين الأكبر في العالم الإسلامي. تحتوي على 37 ألف مخطوطة ومليون كتاب بين فقه وأصول وفلسفة وتفسير علوم القرآن وأدب وفيزياء ورياضيات... واللافت أنها تضمّ أرشيفاً بالكتب «الممنوعة»، وهو القسم الذي يضمّ المجموعات الملحدة وهو مفتوح أمام الباحثين.