القاهرة | في السنوات الأخيرة، قررت قنوات عربية عدة، على رأسها mbc، الاستغناء عن الدراما المصرية، واستبدالها بالتركية المدبلجة، لكنّ النجوم المصريين لم يواجهوا أيّ مشكلة في تسويق أعمالهم، وخصوصاً بعد إنشاء قناة «الحياة» المصرية، التي تموّلها مجموعة من رجال الأعمال، على رأسهم رئيس «حزب الوفد» السيد البدوي. وفي أقلّ من خمس سنوات، تحولت المحطة إلى شبكة تضمّ حتى الآن أربع قنوات، ونجحت في تصدّر قائمة الفضائيات المصرية.
لكن مع سقوط حسني مبارك، بدا واضحاً أن المشهد الإعلامي المصري سيشهد ولادة قنوات عدة لسببَين: الأول أن الوضع السياسي كان يشي بتطورات عدة ستشهدها الساحة، وبالتالي فإنها تحتاج إلى وسائل إعلامية جديدة لمواكبتها. أما السبب الثاني، فهو أنّ فلول نظام مبارك يريدون منبراً إعلامياً يطلّون من خلاله، ويستخدمونه في الأوقات الحساسة. هكذا ظهرت شبكة قنوات «سي بي سي»، التي سرعان ما توسع مالكها محمد الأمين، وحصل على حصة أساسية في شبكة قنوات «مودرن» الرياضية، كما ظهرت مجموعة من القنوات بينها «التحرير»، و«النهار». والأخيرة تحولت هي الأخرى إلى شبكة تضم ثلاث شاشات حتى الآن.
وفي ظلّ هذه «الطفرة» التلفزيونية، فوجئ الوسط الإعلامي بدخول وكالة «شويري غروب» للإعلانات إلى الوسط الإعلامي. حضور هذه الوكالة اقتصر في السنوات السابقة على شبكة قنوات «ميلودي»، لكن مع تراجع نسبة مشاهدة القنوات الغنائية بعد الثورة، تراجع حضور الوكالات غير المصرية، فيما تصدّرت ثلاث شركات محلية السوق الإعلانية، هي «ميديا لاين»، و«آد لاين»، و«برومو ميديا»، لكن حصول «شويري غروب» اللبنانية على حقوق الامتياز الإعلاني لشبكة «الحياة» تحول إلى عاصفة يبدو أنها لن تمر بهدوء، إذ رأى البعض في هذه الخطوة، دليلاً على أهمية الاستثمار في الفضائيات المصرية، وخصوصاً أنّ مكانة هذه الشركة اللبنانية في العالم العربي كفيلة بتحويل «الحياة» إلى قناة ناجحة إقليمياً. إلا أن البعض الآخر لفت إلى أنّ السيد البدوي وقّع العقد مع «شويري غروب» بينما لا يزال العقد المبرم بينه وبين وكالة «ميديا لاين» سارياً. وتكشف بعض المصادر لـ«الأخبار» أن للوكالة مستحقات مادية كبيرة في ذمّة «الحياة» لم تحصل عليها بعد، وبالتالي، يبدو أن جميع الأطراف في طريقها إلى نزاع قضائي قد يطول، وخصوصاً أن البدوي بثّ إعلانات لـ«حزب الوفد» على شاشات «الحياة» من دون أن يدفع مقابلاً لها، كما أنه لم يحصل على موافقة «ميديا لاين»، وهو ما يجعل رئيس الحزب الأعرق في تاريخ مصر متّهماً في استخدام موقعه كرئيس لمجلس إدارة الشبكة في الترويج لحزبه السياسي.
في الوقت نفسه، نفت شبكة قنوات «سي بي سي» ما تردد عن نيتها الدخول في شراكة مع مجموعة mbc السعودية، لكن الخبر بحدّ ذاته، والتطورات التي تشهدها «الحياة» يؤكدان أنّ «المحليّة» لن تكون السمة الأساسية للسوق الفضائية المصرية في المرحلة المقبلة، كما أن الملعب بات مفتوحاً أمام لاعبين كثر، وخصوصاً مع توالي الاستعانة بمقدمين عرب، وعرض نسخ غير مصرية من برامج ترفيه عربية. كل هذه التطورات تشير إلى أن الثورة ستعيد إلى القاهرة دورها الإعلامي العربي... لكن بعد انتهاء الصراع بين وكالات الإعلانات.