موضوع سعودي بامتياز، مستفز وجريء! لن تتمكن من إخفاء دهشتك عند رؤية 11 صورة فوتوغرافية قدّمها الفنان السعودي عبد العزيز القحطاني (1986) في معرضه الفردي الأول «جغرافيا حميمة» الذي احتضنته أخيراً «غاليري لحد» في لندن. في هذا المعرض الصدمة، يقدم القحطاني المعضلة الإنسانية التي يعيشها الفرد السعودي. إنّها صور مبنية بعناية لتكشف حجم التناقض والفصام واتساع الهوة بين الجسد والروح في هذه البقعة من العالم.
فنياً، تقوم أعمال القحطاني على مبدأ الصدمة، لتطرح أزمة الهوية، والتمييز الجندري، والاستهلاك والفصام الاجتماعي. رجل عارٍ مفتول العضلات بجوارب وأكسسوارات نسائية، يقف إلى جانب امرأة تلبس الأبيض مع سوط جلدي، وتختفي خلف نقاب أسود. في صورة أخرى، يقلب الأدوار في مجتمع يجد تعدد الزوجات أمراً طبيعياً، فنرى امرأة محاطة بثلاثة أزواج يجلسون القرفصاء على الأرض في تعبير عن خضوعهم لها. هناك أيضاً فتاة تضع برقعاً يكشف عن سيقان عارية، وأخرى ترقص وهي ملفعة بعباءة سوداء، وثالثة تنقش وشماً على جسدها، فيما تحاول إخفاء وجهها بالحجاب، ورابعة منقبة ترقص الباليه على مقعد حجري في أحد شوارع لندن والكثير من الإشارات الإيروتيكية الأخرى. لكنها تحمل أثقالاً ثقافية عميقة وغائرة، تجد صداها في المجتمع السعودي. لعبة فنية كبيرة يحاول القحطاني استدراج المتلقي إليها. يتحدث في عمله عن أنّ الإرباك الحاصل في المجتمع السعودي «إرباك جنسي» لا يُحكى عنه. يوصّف لنا أزمة الهوية التي تعيشها شخصياته بين جغرافيتين ومجتمعين، جغرافيا تطلق العنان للتاتو والتبرج، وأخرى تحرّمه. شخصيات القحطاني تعيش هذا التناقض مثل أبطال رواية «آنا كارنينا». اللقطة عند القحطاني مرسومة ومصممة بعناية لأنها يجب أن تحمل رسالة، حتى وإن كانت لقطة في شارع أو حديقة أو فناء إحدى البنايات. لا بد من تصميم محكم كي تفعل فعلها، فـ«نحن في الشرق الأوسط أساء الغرب فهمنا ونتعرض للكبت في مناطقنا». ثمة سخرية صارخة وتهكم عنيف يضرب في جذور القيم الموروثة. سخرية ترسم ابتسامةً مُرّة على وجه كل من يشاهد أعمال القحطاني، حيث النساء يختفين وراء النقاب، والرجال يتخفون خلف «الشماغ»، كأنها شخصيات لا تريد المواجهة...