على الغلاف | لسنوات، شكّل الجسر الممتدّ بين السعودية والبحرين محطّة عبورٍ للجمهور السعودي صوب «عاصمته الثقافية». بعبورهم الجسر، عوّض السعوديّون عن حرمانهم الثقافي في بلادهم المكبّلة. يذهب السعودي إلى المنامة ليشتري الكتب الممنوعة، ويشاهد الأفلام في صالات محظورة في بلاده. لكنّ ما شهده البحرين أخيراً من قمع وتنكيل فرض أسئلة جديدة على السعوديين، وتحديداً المثقفين. ينقسم هؤلاء في تقويمهم للحدث البحريني تبعاً لخلفياتهم المذهبية غالباً. قمع النظام البحريني للحراك الشعبي حوَّل المنامة إلى عاصمة المكارثية العربية. هجمة السلطة على الحريات وحقوق الإنسان شملت الثقافة عبر قمع كلّ صوت أو قلم معارض. وبتحريض من مثقفي السلطة أحياناً، تمّت تصفية أسرة الأدباء والكتاب، واعتقال مجموعة كبيرة من المثقفين وتهجيرهم، وقتل ناشر بحجم عبد الكريم فخراوي ...
رغم كلّ ذلك، لم يُسمع للمثقّفين السعوديين صوتٌ في استنكار الجرائم بحقّ المثقفين والناشطين. بعض الكتّاب العرب أصدروا بيانات إدانة تطالب الجامعة العربية بعدم اعتماد المنامة عاصمة الثقافة العربية.

لكن بدا واضحاً أنَّ التعتيم على الحدث البحريني، الذي تعتمده الفضائيات المملوكة خليجياً، أثّر في موقف بعض المثقفين السعوديين، ففضّل بعضهم الآخر عدم مقاربة المسألة البحرينية وسط الانقسام المذهبي المستعر. يحضر السعوديون بكثافة المناسبات الثقافية في البحرين ... وقد يعبرون الجسر بكثافة هذا العام للاحتفال بالمنامة عاصمة الثقافة العربيّة بحثاً عن الترفيه. لكنّهم سيكتشفون أنّ «عاصمتهم الثقافيّة» غدت بلا روح. فلا قيمة لفعالية ثقافيّة من دون حريّة، ومن دون بشر.