ممنوع الحديث عن الفقر في السعودية. تحذير عمّمته وزارة الثقافة والإعلام بعد اعتقال فريق عمل برنامج «ملعوب علينا»، لأنّه أنجز فيلماً قصيراً عن الفقر في المملكة بُثّ على يوتيوب (16 أكتوبر/ تشرين الأول 2011). ومجدداً فاجأتنا الوزارة بقمع إعلامي جديد مع إيقاف برنامج «البيان التالي» الذي يقدمه عبد العزيز القاسم على قناة «دليل» السعودية. تناولت الحلقة موضوع الفقر أيضاً (17 شباط/فبراير)، واستضافت الأمير عمرو الفيصل، والكاتب زهير كتبي في مداخلة هاتفية.
وحذّر هذا الأخير بنحو مباشر من ثورة جياع في المملكة. وقد حصدت هذه المكالمة نسبة مشاهدة عالية فور تنزيلها على يوتيوب. وقال كتبي حرفياً: «الفقر هو الخطر الوحيد على الوطن، أخشى ما أخشاه من ثورة الجياع وتدهور الأمن الداخلي، الإنسان عندما لا يجد ما يأكل، يقتل». وبعد انتهاء البرنامج، بدل التسريع في حلّ مشكلة الفقر، مُنع الحديث عن الموضوع بعد صدور قرار من وزارة الثقافة والإعلام السعودية (الاثنين الماضي) يقضي بإيقاف البرنامج. وفي حديثه مع «الأخبار»، عبّر عبد العزيز قاسم (الصورة) عن مفاجأته بقرار الإيقاف، ومنع زهير كتبي من الكتابة والحديث في وسائل الإعلام المحلية. وفي اتصال مع «الأخبار» أيضاً، رفض زهير كتبي التعليق، معلِّلاً ذلك بمنعه من الحديث «بأمر من جهات عليا».
في الوقت الذي تفاعل الناشطون على تويتر مع القضية، كتب أحدهم «تأكد يا وطني أنك حين تمنع زهير من الكتابة، فلن تزيدنا إلا إصراراً على مواصلة طريق الإصلاح، فليس ثمة طريق لنا غيره». وقال مغرد سعودي آخر «شكراً للمسؤول الغبي الذي أوقف البرنامج والكاتب، فقد ساهم في وصول الكلمات التي قيلت إلى أكبر عدد ممكن، وهذا هو المهم!».
إذاً، رغم كل الاستراتيجيات لمكافحة الفقر في السعودية التي تعتبر من أغنى دول العالم، تعاني نسبة كبيرة من السكان من البطالة وأزمات سكنية، تتفاقم كل يوم مع تداول أرقام تؤّكد أنّ نسبة الفقراء تصل إلى 22 في المئة، رغم الصورة النمطية التي تظهر الشعب السعودي شعباً مرفّهاً، وهو ما أدى إلى بروز غضب شعبي على مواقع التواصل الاجتماعي من ازدياد نسبة الفساد والفقر. الموضوع نفسه تناوله المخرج بدر الحمود في فيلم قصير بعنوان «المقبرة» (2011)، قبل أن يُحجب عن موقع يوتيوب. والشريط يحكي قصة أسرة تعيش في إحدى مقابر الرياض.
وفي وقت لم تعُد تجدي فيه سياسة كمّ الأفواه في ظلّ وجود الإعلام الجديد، يعلّق ناشط ساخراً: «لو كان تويتر تابعاً لوزارة الثقافة والإعلام في حكومتنا الرشيدة، لكان أُوقف الموقع وأحيل كل الناشطين على تويتر إلى سجن الحائر (الرياض) بتهمة ممارسة حرية التعبير... والعياذ بالله».