بغداد | الوضع الصحيّ المقلق للفنان فؤاد سالم، الذي يرقد في أحد مستشفيات دمشق، يضعنا أمام سؤال ملحّ عن موعد إقرار «قانون رعاية الروّاد». من غير المعقول كلما تعرّض مبدع عراقيّ لوعكة صحيّة، أن نظلّ نلوك بيانات التضامن والدعوات لإنقاد هذا المطرب أو ذاك الشاعر من دون جدوى. لنتذكر كيف مات الشاعر والصحافيّ محمد درويش علي الذي تُرك العام الماضي ليواجه مصيره في أعرق مستشفيات بغداد، من دون أن تثمر المناشدات كلها حتى عن توفير منظومة أوكسيجين حديثة، ولم يسعفه سوى منفاخ يدويّ قديم الى أن فارق الحياة.
هكذا ندبّج دوماً مقالات وبيانات من دون التفكير في المشكلة الأكبر التي يعانيها العراق وهي قانون يحمي المبدع. وقد سمعنا كثيراً عن هذا القانون الذي طرحته لجنة الثقافة والإعلام البرلمانيّة في دورة مجلس النواب السابقة، لكن لا ندري مصيره في ظلّ التأزّم السياسيّ في بلاد الرافدين.
فؤاد سالم (البصرة ــ 1945) أحد روّاد الأغنية العراقيّة السبعينيّة، تأثّر بناظم الغزالي في بداياته عام 1963. وبدعم من عازف القانون سالم حسين، كانت أوبريت «بيادر الخير» أوّل ظهور علنيّ له، ثمّ أوبريت «المطرقة» اللتان أنتجتا بنزعة يساريّة واضحة. ومع الحملة التي شنّها النظام السابق على المثقفين والناشطين اليساريّين، غادر فؤاد سالم البلاد عام 1982 هرباً من بطش صدّام. قدّم العديد من الأغنيات التي حفرت في الوجدان العراقي، منها «مو بيدينه»، «مشكورة»، «يا عنيّد يا يابه»، «أنا يا طير».
مسيرة حياتيّة وتاريخ فنيّ طويل لا يشفعان لصاحبهما عند رئاسات «العراق الجديد» الذي دافع عنه لثلاثة عقود وتجرّع بسببه نفياً وملاحقة وويلات. وبحسب الأخبار التي أتتنا من العاصمة السوريّة، تزداد حالته تدهوراً، وهو يعاني تلفاً في أنسجة الدماغ بدأ يُفقده القدرة على النطق والحركة. وفي العراق، نظّمت مجموعة من محبّيه حملة على الفايسبوك تهدف الى لفت الأنظار إلى خطورة حالته. ومن بين التحرّكات التي يقوم بها ناشطون عراقيّون، توجيه رسائل الى سفير العراق في دمشق للإسراع بمتابعة وضع «فنّان الشعب»، وخصوصاً بعدما فقد صوته كما أشيع. ورغم ذلك، لم يسمع أي تحرّك لنقابة الفنّانين العراقيّين في بغداد ولا لوزارة الثقافة التي أصيبت بالخرس بعدما كانت تهطلنا بسيل من البيانات عند إطلاق مركز هنا أو مهرجان هناك! إنّه فؤاد سالم يا ناس، ألا تعرفونه ...