نجح فرهادي في تعرية نظام اجتماعي وسياسي كامل عبر تناوله موضوعاً اجتماعياً بسيطاً. على امتداد ساعتين هما زمن «انفصال»، صوِّرت معظم المشاهد في أماكن مغلقة راوحت بين منزل الزوجين والمحكمة. كأن المخرج يقول لنا إنّ تلك هي حدود الحرية في هذه المجتمعات. قدرة فرهادي على إبقاء المشاهد مشدوداً رغم محدودية المكان، تعود إلى السيناريو والحوار الذي اعتمد المشاهد القصيرة والسريعة مصحوباً بحوار مشحون وبقدر كبير من الانفعالات.

العامل الآخر الذي عزّز الأول هو الكاميرا. رغم أنّ الفيلم خلا من الكوادر والصور المتميزة، إلا أنّ الكاميرا كانت سريعة في حركتها وانتقالها بين الممثلين واستطاعت تقطيع الفيلم إلى عدد هائل من اللقطات، مما أسهم في إثراء ديناميكية الحوار والسيناريو.
يقترب الشريط في أسلوبه التقريري وخلوه من المؤثرات البصرية من الأفلام التسجيلية. ولعلّ المخرج اعتمد هذا الأسلوب ليعكس الواقع الاجتماعي اليومي بفجاجته وصراحته. ورغم الحضور العام لكن الخجول للمظاهر الدينية متمثلة في الحجاب ومشاهد الاحتكام للكتاب والخوف من العقاب، فإن المخرج تعمّد تغييب رجال الدين عن الفيلم حتى من أروقة المحاكم الشرعية التي أخذت حيزاً كبيراً في العمل. هذا التغييب أراده فرهادي تعبيراً عن رفضه هذه السلطة الدينية من الأساس.
وأخيراً، يتناول الشريط شرائح وطبقات متنوعة من المجتمع الإيراني. طبقات متوسطة متعلمة وأخرى فقيرة معدومة: الزوج العامل، والزوج العاطل، والزوجة العاملة والبنت، والأم، والطالبة والشرطي والقاضي، كلّهم يدخلون في قضايا خلافية وندية مع بعضهم. لكن هذه الشخصيات تمتاز بدرجة عالية من الطيبة والاحترام والحب وحتى الصدق. إنّها قيم أبناء المجتمع البسيط. لكنّه المجتمع نفسه الذي يفرض أيضاً قسوته وظلمه على هذه الشخصيات ويدفعها إلى الكذب والاحتيال كوسيلة من أجل البقاء. إنها الطبيعة البشرية في أكمل صورها.



«انفصال» في صالات «أمبير» و«متروبوليس أمبير صوفيل» ابتداءً من الخميس المقبل ــ للاستعلام: 01/616600