طولكرم | يدخل إغلاق العدو الإسرائيلي مكاتب قناة «فلسطين اليوم» في الضفة المحتلة أسبوعه الثالث ولا تزال الضفة حاضرة على الشاشة. لعل ذلك سيؤثر في حضور الأحداث على شاشة القناة، التي أظهر استطلاع حديث للرأي، أجراه «مركز وطن للدراسات والبحوث» بأنها الشاشة الأولى فلسطينياً.يأتي هذا التصنيف لـ «فلسطين اليوم» بعد سنوات من العمل. كان «الكل الفلسطيني» حاضراً فيها على شاشتها من دون حزبية، فضلاً عن الحضور الميداني الكثيف بدءاً من نقاط المواجهات بين الشبان الفلسطينيين وجنود العدو الإسرائيلي، مروراً بجنازات الشهداء وإضرابات الأسرى، وصولاً إلى متابعة شكاوى المواطنين على الخدمات والمرافق ومساءلة ذوي الاختصاص عنها، من دون نسيان الأحداث الثقافية والفنية، وحتى أنشطة قراءة قصص الأطفال في المكتبات العامة.
لكنّ اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر، الذي انعقد في الثامن من آذار (مارس) الحالي، خرج بقرار إغلاق وسائل الإعلام التي وصفها بـ «المحرّضة». يقول المتخصص في الشأن الإسرائيلي محمد أبو علان، إنّه «لم يكن مفاجئاً أن يبدأ القرار بـ «فلسطين اليوم»، الفضائية الأكثر تأثيراً وعملاً برغم أن التحريض الإسرائيلي يطاول دوماً الفضائيات الفلسطينية كافة حتى التلفزيون الرسمي!».
الفضائية بخطها السياسي كانت محايدة في قضايا الخلاف الداخلي

وفي الانتفاضة الشعبية الحالية، كانت «فلسطين اليوم» منبراً مهماً لذوي الشهداء، خاصة المحتجزة جثامينهم منهم محمد عليان، والد الشهيد بهاء، الذي قال لـ «الأخبار»، إن عائلات الشهداء «خسرت بإغلاق مكاتب «فلسطين اليوم» منبراً منحها مساحة واسعة من الاهتمام والزمن». ويضيف: ««فلسطين اليوم» بمراسليها، هي القناة الأكثر حرصاً على متابعة قضيتنا، والأكثر جرأة في نقل الحقائق. منحتنا حق إيصال صوتنا من خلال تقارير المراسلين، وكذلك في الاستضافات المباشرة في استوديوهاتها في القدس ورام الله».
في السياق، يقول الأمين العام لـ «المبادرة الوطنية»، مصطفى البرغوثي إن هذا «ليس هجوماً على وسائل الإعلام فقط، وإنما استهتار كامل بالسلطة الفلسطينية وتعدٍّ على صلاحياتها في المناطق التي من المفترض أنها تخضع لها». ويتابع في حديث إلى «الأخبار»: «هذا يجري بدخول الجيش الإسرائيلي إلى مناطق تقع تحت سيطرة السلطة أي المناطق المصنفة «أ» وفق اتفاق أوسلو، ويجري بحق مؤسسات ممنوحة تراخيصها من وزارة الإعلام الفلسطينية». كما يرى أن «استهداف «فلسطين اليوم» له علاقة بفعالية هذه الفضائية وجرأتها في تغطية الأحداث».
وكان العدو قد أغلق في الأشهر الأخيرة أكثر من محطة إذاعية في الخليل وجنين بعد اقتحامها ومصادرة معداتها، وهدد أخرى بالإغلاق إذا لم تراجع المحتويات التي تقدمها للجمهور التي يصفها بالتحريضية. حتى إن التلفزيون الرسمي «فلسطين»، التابع للسلطة، برغم الانتقادات الكثيرة لأدائه وغيابه عملياً عن مواكبة الانتفاضة، لم يغب عن التهديد، فيما كان طاقم «الأقصى» التابعة لـ«حماس»، يتناوب الدور في الاعتقال.
على صعيد القضايا المحلية، وتزامناً مع أحداث «انتفاضة القدس»، حازت قضية إضراب معلمي المدارس الحكومية في الضفة اهتماماً كبيراً لدى الشارع، تابعته «فلسطين اليوم» بتغطيات مباشرة للاعتصامات الحاشدة للمعلمين عند مقر رئاسة الوزراء في رام الله ووزارة التربية والتعليم ومديرياتها، برغم الموقف المضاد من الحكومة لها.
يقول منسق حراك المعلمين في الضفة، محمد حمايل، إن ««فلسطين اليوم» كانت من القنوات الرائدة في تغطية حراك المعلمين أولاً بأول، ولم تتوان عن نقل الحقيقة بموضوعية من دون تحيُّز أو مجاملة للحكومة أو المعلمين، وابتعدت عن كمّ الأفواه وتحوير الحقائق» كما فعلت قنوات أخرى.
كذلك، لا يغيب أن الفضائية بخطها السياسي كانت محايدة في قضايا الخلاف الداخلي مقارنة بقنوات ووسائل أخرى محسوبة على حركتي «فتح» و«حماس»، وهذا ما جعل شعبيتها قوية، برغم أنه على مستوى الإمكانات ومقارنة بغيرها، كان عدد أفراد طاقمها قليلاً نسبياً في الضفة.
الناشط في المقاومة الشعبية خالد منصور، الذي كان واحداً من ضيوف الفضائية المعتادين، قال لـ «الأخبار»، إن «منع الفضائية من العمل في الضفة لن يمنعه من التواصل معها والظهور عبر شاشتها بأي من وسائل الاتصال المتوافرة، ومنها برنامج سكايب لمحادثات الفيديو».
وقد يكون إغلاق مكاتب «فلسطين اليوم» في الضفة واعتقال ثلاثة من موظفيها أكبر اعتداء تعرضت له أخيراً، لكنّ اعتداءات كثيرة سبقته، بالتهجم على طواقمها ومنعهم من التغطية. كما تعرضوا للإصابة هم وسيارات الطواقم أو سيارات البث، وصولاً إلى أخذ المراسلين كدروع بشرية أكثر من مرة خلال مواجهات بين جيش العدو والشبان الفلسطينيين.