سينمائي يصعب تصنيفه. في أفلامه تتقاطع مستويات السرد وعناصره، عند لحظة ضائعة بين حكايات مختلفة. دائماً يأخذنا في رحلة البحث إيّاها عن الزمن الأوّل. زمن ما قبل الفاجعة. الزمن المستحيل. وإذا كان لا بدّ من مفتاح لدخول عالمه الهادئ في صخبه، البطيء في توتّره الجارف، الوادع في راديكاليّته، الواضح في تيهه الميتافيزيقي، العاري في إنسانيّته، المضيء في سوداويّته ... فهو الشعر بامتياز.سليل غودار ورومير، هو ابن السينما الفرنسيّة، ورث منها تلك المقاربة الشعريّة للعالم. نتحدّث عن شعريّة الكادر والصورة واللغة الفيلميّة، المونتاج وحركة الكاميرا وتركيب الشخصيّات وعلاقاتها، بناء السيناريو والحوارات، النص الخافت حدّ الامحاء الذي يغلّف اللقطة بأبعاد فلسفيّة.

ينطبق هذا على ثلاثيّته الروائيّة الطويلة «أشباح بيروت» (1998)، و«أرض مجهولة» (2002)، و«أطلال» (2006)، وعلى أعمال قصيرة وفيديو، مثل «وردة لا أحد» (2000)، «نرسيس ضائعاً» (2004) و«بعد الموت» (٢٠٠٧)، وصولاً إلى أحدث أعماله التسجيليّة «1958» (2009) والروائيّة «الجبل» (2011). الشريطان الأخيران، يجمع بينهما النص: نتف أو نثار من تداعيات بلا قرار، خارجة من دفتر لا يفارقه على الطريق المتعرّج مثل ذاكرة الحروب. أحد هذه الدفاتر، تنشره سارة الصحناوي تحت عنوان «من كتاب الغرق» عن دار Amers (منارات)، في طبعة مزدوجة، أي بالفرنسيّة، لغته الأصليّة، وبعربيّة مترقرقة نقلته إليها ليلى الخطيب توما. «لكي يخفّف عن نفسه، يتحدّث عنها بضمير الغائب»، يقول غسّان. التوقيع في بيروت مساء السادس من آذار/ مارس، لدى Bread Republic آخر شارع الحمراء.