تونس | رغم أنّ الثورة التونسية وفرت هامشاً من الحرية الإعلامية، وأدت إلى طفرة في المنشورات التي صارت تفوق المئة اليوم، وتعزيز المشهد السمعي البصري، إلا أنّه بمجرد تعيين حكومة ذات توجه إسلامي، اتجهت سهام النقد إلى هذا القطاع وأهله. حالة من العداء أُعلنت بين الطرفين وبدأت تتصاعد وتيرتها في الآونة الأخيرة بلغت حدّ التلويح بإضراب عام قد تقرّره «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» خلال جلسة عامة استثنائية تقيمها اليوم الجمعة في «نزل الهناء الدولي» في العاصمة لبحث «الأشكال النضالية الممكنة للدفاع عن حرية الإعلام والرد على الاعتداءات على الصحافيين وإمكانية إعلان الإضراب العام».
منذ تعيين الحكومة الإسلامية، ازدادت الانتهاكات والاعتداءات الجسدية على الصحافيين، وعلى القنوات التلفزيونية كـ«نسمة»، والاعتداء على رئيس تحرير صحيفة «المغرب» اليومية زياد كريشان، واتهام سلفيين له بالكفر. كذلك صودرت إذاعة «الزيتونة» للقرآن لمصلحة حركة «النهضة» بعد طرد مديرتها القانونية إقبال الغربي، وتهجّم على الصحافيين أنصار «حركة النهضة» وعدد كبير من التيار السلفي أثناء الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» في كانون الثاني (يناير) الماضي. كانت تلك الوقفة قد أقيمت بعد قرار الحكومة بتعيين رؤساء تحرير في أقسام الأخبار في التلفزيون الرسمي وبعض الصحف من دون استشارة الهياكل المعنية، فضلاً عن محاولات السيطرة على الإذاعات الرسمية وتوجيهها، وإيقاف بعض المدونين على الشبكة العنكبوتية...
أما مسيرة «تطهير الإعلام» التي نظمها أنصار «حركة النهضة» وعناصر سلفية، فقد اتجهت مباشرة إلى مؤسسة التلفزيون التونسي، تلتها اعتداءات جسدية ولفظية على عدد من الصحافيين أثناء أداء عملهم وتغطيتهم المسيرة الحاشدة التي نظمها «الاتحاد العام التونسي للشغل» يوم السبت الماضي. وقامت مجموعة من قوات الشرطة والمدنيين المتسلّحين بهراوات بضرب الصحافيين رغم ارتدائهم دروعاً تدل على عملهم الصحافي، وإتلاف معداتهم. وكان ذلك الاعتداء القطرة التي أفاضت الكأس وجعلت «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» تقرر عقد جلسة عامة استثنائية اليوم الجمعة لمناقشة إمكان الدخول في إضراب عام ومقاطعة وسائل الإعلام لأنشطة الحكومة المؤقتة بعدما عقدت اجتماعاً تشاورياً في مقرها يوم الاثنين 27 شباط (فبراير). وقد وجهت نقيبة الصحافيين نجيبة الحمروني أصابع الاتهام مباشرة إلى الحكومة المؤقتة بسبب صمتها المتواصل إزاء تكرار الانتهاكات، معتبرة إياها شريكاً في هذه الهجمة. وقد رُفعت قضية على وزير الداخلية علي العريض وكل مَن يكشف التحقيق تورّطه في الاعتداء.