ليست مسألة «الزودة» سوى النقطة التي أفاضت الكأس في الطبقة السابعة من مبنى «الجديد». قسم الأخبار في المحطّة اللبنانيّة الشهيرة الذي يتّخذ من هذه الطبقة مقرّاً، أعلن «العصيان» أمس، وتوقّف عن العمل، ولن يعود عن قراره ما لم يرفع ما يعتبره ضيماً عن أحد أبرز أفراده. إنّه فراس حاطوم الذي عُلِّق عن العمل لمدة 21 يوماً بموجب قرار إداري أصدره المدير العام للقناة ديمتري خضر. رياض قبيسي، ورامي الأمين، وغدي فرنسيس، ونانسي السبع، وباسل العريضي، وأنور ياسين و15 آخرون يمثّلون، بين مراسل وتقني، القسم الأكبر من الأخبار في القناة، غادروا أمس المبنى بعد أيام على الواقعة التي شهدتها مكاتبهم، يوم اقتحم ديمتري خضر الطبقة السابعة كالإعصار، وراح ينهرهم ويصرخ في وجوههم. يبدو أن ما أشعل غضبه هو حفنة من الرسائل الإلكترونية التي تبادلها أفراد الأسرة عبر بريد المحطة الداخلي وعلى فايسبوك، متندّرين على الزودة الشحيحة التي أقرّتها الإدارة. طريقة زملائنا «المشاكسة» في التعبير عن احتجاجهم، ضاق بها صدر الإدارة، حسب ما يروي لنا مصدر من داخل المحطّة. كرة ثلج راحت تكبر، وبدلاً من تلقّف الطرائف بشيء من حسّ الفكاهة، يروي شهود عيان أن ديمتري خضر «دخل في حالة هسترية، وراح يصرخ ويشتم الموظفين». هنا وقع احتكاك مباشر بفراس حاطوم، وتطوّرت المشادة حتّى كادت تصل إلى اشتباك بالأيدي. وكانت النتيجة قراراً إدارياً بفصل حاطوم 21 يوماً عن العمل، بعد ضغوط أدّت إلى تنازل خضر عن قراره بطرد المراسل المعروف الذي يعتبر من «نجوم المحطّة». الضغوط جاءت من مديرة الأخبار مريم البسام ونائبتها كرمى خياط، اللتين يأخذ عليهما خضر إضعاف قرار الإدارة. وعلمت «الأخبار» أنّ مريم البسام تقدّمت باستقالتها أمس احتجاجاً على قرار فصل حاطوم من دون الرجوع إليها.
ووسط هذه المعمعة، بدت البلبلة واضحة على الشاشة خلال نشرة الأخبار، أمس، على «الجديد». هكذا، رأينا تقريراً أجراه رامز القاضي من منطقة القاع، أكملته راشيل كرم بصوتها. «دخلنا في إضراب مفتوح لغاية العفو عن حاطوم»، يكرر أكثر من زميلة وزميل ردّاً على استفسارات «الأخبار». ويضيف أحد هؤلاء باسم الباقين: «إما أن يُعفى عن حاطوم، أو نتقاسم العقوبة معه». لكن العقبة الأساسية ما زالت موجودة: يأخذ الموظفون على خضر تعامله الفوقي والانفعالي معهم. «طلبنا منه أن يعفو فقط. كأنّه ظلّ الله على الأرض. هناك سوابق عدة في التعامل معنا بطريقة مهينة ودونية. كرامتنا خطّ أحمر، هذا ما تعلّمناه من «الجديد» نفسه».
وعلى الرغم من أنّ الموظفين بدأوا أمس إضراباً في انتظار «العفو»، يقول ديمتري خضر لـ«الأخبار» إنّه لم يبلَّغ بذلك: «لا يوجد إضراب، وإلا كيف قدّمت نشرة الأخبار؟». ويرفض الاتهامات التي توجَّه إليه بالفوقية في التعامل، مضيفاً أنّه مثل أي موظف آخر في القناة. على أي حال، التفاوض مستمرّ اليوم. مريم البسام رفضت التعليق على الموضوع، وفشلت «الأخبار» في الاتصال بكرمى خياط... أما الطرائف الداخليّة بشأن زيادة الأجور الشحيحة، فانتقلت مفاعيلها من بريد «الجديد» إلى صفحات الجرائد.