عندما بدأ عرض «شي أن أن» عام 2009، بدا كأنّ قناة «الجديد» تدخل مغامرة غير محسوبة: شابان (فؤاد يمين وإدمون حداد وقتها) لا يملكان خبرة تلفزيونية، يطلّان على شاشتها لتقديم برنامج من نوع جديد يعتمد على... السخرية. ولعل المغامرة الأساسية أنّه في عزّ الأزمة السياسية التي كان لبنان يمرّ فيها، قرّر «شي أن أن» الخروج من الاصطفافات، والسخرية من كل الأطراف في أسلوب يشبه ما نشاهده في الـ late night shows في الولايات المتحدة.
لكن يبدو أن «الجديد» كانت قد درست جيداً خياراتها، فواصلت البرنامج الذي تحوّل اليوم إلى إحدى أوراقها الرابحة. لا يشبه «شي أن أن» برامج الكوميديا المكرورة التي نشاهدها على شاشتنا المحلية. «منذ البداية أردنا أن نكون مختلفين» يقول سلام الزعتري، منتج البرنامج منذ انطلاقه، وأحد مقدّميه منذ مغادرة إدمون حداد. ويكشف في حديثه مع «الأخبار» أن البرنامج سيطلّ بحلة مختلفة قريباً «سنغادر الاستديو لنصوّر في الجامعات وفي أماكن أخرى».
تغيير الشكل الخارجي للبرنامج سيرافقه أيضاً تغيير من نوع آخر في مضمون المادة التي يشاهدها الجمهور: «مستعينين بأسلوبنا، سنقوم بحملة توعية للمواطنين في ما يخصّ الانتخابات النيابية المتوقّعة في العام 2013». هكذا سيستعيد فريق العمل تاريخ النواب، ومشاريعهم الانتخابية، وما طبقوه من هذه المشاريع، في محاولة لتشجيع المواطن على سياسة المحاسبة، والخروج من الاصطفاف السياسي الأعمى. وهذه الحملة لن تكون حصرية على «الجديد». يقول الزعتري إنه بدأ شخصياً العمل مع مذيعين ومعدّي برامج في قنوات أخرى ليتحوّل موضوع التوعية إزاء الانتخابات إلى ما يشبه الـ lobbying «ماذا يكن أن يحدث لو أن كل البرامج الكوميدية تطرّقت في الاسبوع نفسه إلى هذا الموضوع أو إلى أزمة الكهرباء، أو الرشوة؟ المشاهد سيشعر حتماً عندها بأهمية الموضوع الذي نناقشه».
إذاً في سنوات قليلة، تحوّل «شي أن أن» إلى أشهر البرامج الشبابية. كما أن الشخصيات التي خلقها البرنامج، خلقت نوعاً من الحيوية في المشهد الإعلامي (الترفيهي): من أبو طلال (وسام سعد) إلى جاد داني علي حسن، وأكرم سلمان، وعبد الرحيم العوجي، وبوسي مولّع (ليا حصروتي)...
لكن هذه الحالة الكوميدية التي خلقها البرنامج لم تخلُ يوماً من الرسالة الجدية «بين السطور يمكن اكتشاف أننا نعالج أبرز القضايا التي تهمّ المواطن اللبناني، وإن كان الغلاف الذي نقدّم فيه برنامجنا كوميدياً ساخراً». وهل يمكن أن نشاهد «شي أن أن» على محطة أخرى غير «الجديد» خصوصاً بعد النجاح الذي حقّقه؟ يؤكّد سلام الزعتري أن هذا الأمر غير وارد حالياً، لأننا لا يمكن أن نتنازل عن سقف الحرية الذي منحتنا إيّاه هذه المحطة».
إذاً كسبت «الجديد» الرهان، وها هي تعيد الكرّة لكن هذه المرّة مع زياد سحّاب، ومي سحّاب، وإدمون حداد، وسعد القادري في برنامج جديد يُفترض أن ينطلق بعد رمضان ويحمل عنوان «سياد زحاب شو» (50 دقيقة) ويخرجه شادي حنّا، فيما ينتجه سلام الزعتري. يشرح زياد سحاب لـ«الأخبار» فكرة البرنامج: «سأكون أنا المذيع الرئيسي في الاستديو على أن يكون هناك ثلاثة مراسلين هم مي، وإدمون من باريس، وسعد من بيروت». ويضيف أن الفقرات ستتخلّلها وقفات غنائية مع فرقته الموسيقية «كما سأجدّد في كل حلقة إحدى الأغنيات المصنّفة هابطة، وأؤديها بصوتي». كذلك سنشاهد في كل حلقة مقابلة قصيرة (لا تتجاوز 15 دقيقة) مع شخصية سياسية أو فنية أو إعلامية...
لكن كيف انتقل البرنامج من otv إلى «الجديد»؟ يجيب سحاب بوضوح: «أولاً كلفة البرنامج كبيرة، كما أنّ سقف الحرية الموجود في «الجديد» لا نجده في أي محطة أخرى...».
هكذا سيكون الجمهور على موعد مع «سياد زحاب شو» إلى جانب استمرار «شي أن أن» (الإثنين 22:00)، فهل تصل عدوى هذه البرامج إلى المحطات الأخرى، خصوصاً بعد نجاح تجربة «شي أن أن»؟ أم أن «الجديد» ستبقى وحيدةً في ساحة البرامج الساخرة والجذّابة؟