كتب الشعر ضدّ النظام البحريني، منذ أن كان طالباً على مقاعد الدراسة. أدخلته قصائده إلى المعتقل مرتين بتهمة التخطيط لقلب نظام الحكم. أمّا قصيدته الأخيرة في ميدان اللؤلؤة، فجعلت منه مشروع سجين ولاجئ سياسي. الشاعر والروائي علي الجلاوي (1975) زار بيروت أخيراً، حيث شارك في ندوة «الكتابة في زمن الثورات». غادر بعدها إلى ألمانيا للمشاركة في فعاليات «يوم الشعر العالمي» الذي صادف في 21 آذار (مارس)، ليستكمل من هناك كتابة عمله الروائي الجديد «حذاء يد الله».
يرفض الجلاوي إطلاق مسمّى شاعر أو صحافي عليه، فهو يكتب للاستمتاع فقط، وقد بدأ مسيرته بالشعر، وقد صدرت له حتى الآن ستة دواوين كان آخرها «تشتعل كرزة نهد» (2008)، ويستعدّ قريباً لإصدار ديوان جديد. كذلك ركّز اهتمامه على مسألة الأقليات، وكتب عن أقليات البحرين، في كتابين صدرا عن «دار فراديس»، الأوّل «البهائية: السيرة، التأسيس، المعتقد» (2006)، و«يهود البحرين مائة عام من الخفاء» (2008)، في محاولة منه لتدوين تاريخ أقليات البحرين الشفوي، وهو تاريخ لم يكتب، لأسباب سياسية ودينية.
بعد دخول قوات درع الجزيرة وفرض قانون السلامة الوطني في البحرين، غادر الجلاوي بلاده إلى بيروت. بالنسبة إليه، كان الربيع العربي وقوداً ملهماً لثورة اللؤلؤ، والدافع لحراك شعبي جديد كان كامناً في صلب المجتمع البحريني. لكنّ جذور الثورة في بلاده تعود برأيه إلى مطلع القرن الماضي. كان أهل البلاد ينتفضون للمطالبة بحقوقهم، وفي كلّ مرة كان النظام يلجأ إلى الحلّ الأمني لقمعهم. بالنسبة إلى علي الجلاوي، يمكن الشاعر، أو الكاتب، أو الصحافي أن يختصر مفهوم المثقف البحريني. المثقف هو «شريحة واسعة من الشعب البحريني. الشعب بأغلبه مثقف، وواعٍ سياسياً وحقوقياً واجتماعياً. لم تعد هذه النخبة مفصولة عن الشارع في المسار البحريني». في منفاه، لا تغيب الثورة عن ذهن صاحب «المدينة الأخيرة» (المؤسسة العربية للدراسات والنشر). يرى أنّ ما حدث في البحرين هو محاكمات للرأي والنية. ويأسف لأن المكارثية التي ضربت ذلك البلد الصغير، امتدت لتطال «أسرة الأدباء والكتّاب» أيضاً. في بدايات التحرّك، خرجت الأسرة ببيانات مؤيّدة للحراك المطلبي، ولثورة «14 فبراير». المفاجئ كان ما حدث لاحقاً، حين ظهر أفراد من الأسرة على التلفزيون الرسمي يدينون مواقف زملائهم الذين خرجوا في التظاهرات الشعبيّة. وكان اسم الجلاوي من بين الذين طالبت الأسرة بمحاكمتهم ومحاسبتهم. تتالت الاستقالات من الأسرة، وتغيّر اسمها ليصير «اتحاد أدباء وكتاب البحرين». أمام هذا الوضع، أصرّ مثقفون كثر، ومن بينهم الجلاوي، على الوقوف في وجه تجيير أسرة الأدباء لتصبح في يد الدولة، خصوصاً أنّها كانت تاريخياً في الخندق المقابل للنظام. «أصبحت الأسرة اليوم أداةًً للدولة»، يقول الجلاوي، معتبراً أنّ مستشار الملك، محمد جابر الأنصاري، كان وراء ما انتهت إليه حالتها.
بعيداً عن المنامة، وفي بلاد غوته، كُرّم علي الجلاوي أخيراً. هناك، رفع علم البحرين فوق بلدية فايمار، وحلّ ضيفاً على «معرض فرانكفورت الدولي 2011»، للمشاركة في ندوة بعنوان «الديكتاتورية نفسها: سوريا، اليمن، البحرين». حاولت وزيرة الثقافة البحرينية مي خليفة منع مشاركته في تلك المحاضرة، بالضغط على سفارة ألمانيا في البحرين. «لا يحاولون قمعك في الداخل فقط، بل في الخارج أيضاً»، يقول. ويضيف: «وزيرة الثقافة البحرينية أقالت كتّاباً وفنانين كثراً من الإدارات، في بلاد تستضيف اليوم على أرضها هذا العام تظاهرة عاصمة الثقافة العربيّة».
الروائي الذي ترجمت أعماله إلى لغات عديدة، صدرت له أخيراً رواية «الله بعد العاشرة» (دار رياض الريس)، وفيها يسرد تجربته في السجن خلال الحركة المطلبيّة خلال التسعينيات.
العمل كان أشبه بمحاولة لتفريغ ذكرياته من تجربة الاعتقال، وما قاساه خلاله من عذابات، وتوصيف لشخصيّة المحقق. أمّا روايته المقبلة، فتحمل عنوان «حذاء يد الله»، وتتحدث عن إسكافي بحريني، اسمه يد الله، يقوم بتغيير سبع شخصيات في المجتمع من خلال رقع أحذيتها.