الرباط | في حوار طويل مع مجلة «زمان» المغربية الفرنكوفونية، وصف عبد الله العروي «حركة 20 فبراير» بالوهم الكبير على عكس المؤسسة الملكية التي اعتبرها فاعلة في التغيير. وأكمل: «القبيلة لا يمكنها أن تصنع إيجابياً التاريخ، فهي تصنعه سلبياً فقط (...) واستشهد بشباب «20 فبراير»، قائلاً إنّهم ليسوا هم من كتب الدستور الجديد الذي سيكون الوثيقة الوحيدة التي سيدرسها المؤرخون القادمون.
كلام العروي لم يخل من انتقاد حين وصف المناضل الشيوعي المغربي الراحل أبراهام سرفاتي بالمخدوع مرتين بسبب حديثه عن الطبقات والقبيلة. لقد كان اليساري المغربي مخطئاً في نظر العروي «أقول ومن دون أحكام قيمية إنّ القبيلة لعبت دوماً دوراً سلبياً. فمن المنظور الفلسفي، تحدث هيغل عن القوة السلبية. فالمخزن (النظام في المغرب) كان دوماً هو الذي يتخذ المبادرات. هذا الديالكتيك عن المخزن والقبيلة والخطوة التي يقوم بها كل طرف، هي في الحقيقة مجرد ردة فعل أفرزت تاريخاً راكداً».
ورفض العروي المطالبة بنظام حكم ملكي برلماني في المغرب، كما طالبت بذلك مجموعة من القوى السياسية وحزبيون بارزون في «حزب العدالة والتنمية» الذي يقود الحكومة، من بينهم وزراء حاليون. وأضاف «تصوري هو أن تكون لنا ملكية دستورية حقيقية دورها حماية الحداثة ومواجهة القوى المحافظة. على الملك أن يحتفظ بالشأن الديني. بالنسبة إليّ، وحده الملك قادر على حل المسائل الدينية». وبخصوص الحكومة الإسلامية في المغرب، قال العروي إنّه لا يرى أي طابع إسلامي للحكومة الحالية. علماً أنّ اللقاء أجراه العروي قبل القرارات الأخيرة المتعلقة بـ«دفتر تحمّلات القنوات الوطنية» مثل إلزام المحطات ببث صلوات الأذان الخمس يومياً، علماً بأنّ الدفتر صادقت عليه أخيراً «الهيئة العليا للسمعي البصري» (الهاكا). وقال العروي «حتى اللحظة لا أرى أي صبغة إسلامية لحكومتنا. نحن نرتكب الأخطاء نفسها التي ارتكبناها مع حكومة عبد الرحمان اليوسفي، وننسى أنها نتاج تحالف» ...
وأضاف العروي في حواره مع مجلة «زمان»، الذي نشر على ثماني صفحات، إن الربيع العربي واصل تحقيق التغيير، داعياً في الوقت عينه الحركات التحررية واليسارية إلى القطع مع الفكر والممارسة التقليدانية، والتشبث بالفكر الحداثي الذي يؤسس للديموقراطية.
إذاً، لا يؤمن العروي بأنّ الجماهير يمكن أن تقود التغيير. وهو يوافق بذلك الفرنسي غوستاف لوبون الذي قال بأنّ الجماهير لا تستخدم قوتها للبناء، بل للهدم والتدمير. في وقت سبق فيه للمفكر والكاتب المغربي المهدي المنجرة، الذي يصارع المرض هذه الأيام، من دون أن يسأله عنه أحد، أن تحدث عن النخبة الخائنة مع نمو الاعتقاد بأنّ المثقف المغربي المطالب بقيادة الجماهير ليس سوى وهم كبير.