الرباط | أخطأت أمل حجازي حين أصدرت بياناً منذ أيام تعلن فيه اعتذارها عن «إساءتها غير المقصودة» رداً على اتهامها بالتعرض لمعلم ديني في كليب «بعاملني» الذي صوّرته أخيراً في باحة مسجد الحسن الثاني في مدينة الدار البيضاء. البيان الذي أورد أنّ المغنية اللبنانية تعيد منتجة الكليب لحذف مشاهد المسجد، جعلت القصّة تأخذ أبعاداً وحجماً أكبر مما هي عليه. حتى أنّ الصحافة المغربيّة لم تأخذ أصلاً موقفاً سلبيّاً من كليب الفنانة اللبنانيّة، بل أثير الموضوع في بعض المواقع الإلكترونيّة من دون أن يكون له صدى في الصحافة المكتوبة ووسائل الإعلام المرئية والرسميّة.
هكذا، بادرت أمل حجازي إلى تعميم بيان صحافي تعتذر فيه للشعب المغربي عن المشاهد التي يتضمنها الكليب، علماً أن ما تضمنه ليس سوى لقطات مقتبسة أمام المسجد الذي يعتبر معلماً سياحياً أكثر من أي شيء آخر. وتضمن البيان أيضاً خبراً مفاده أنّ مخرجة الكليب ميرنا خياط، ستحذف المشاهد التي قيل إنّها أثارت ضجة في المغرب، واتهمت أمل حجازي على اثرها بـ«الرقص والغناء في حرم مسجد الحسن الثاني».
المضحك المبكي أنّ الكلّ سقط في فخّ «الإرهاب» الذي تمارسه الصحافة الصفراء التي لا تتردد في إثارة النعرات والغرائز الطائفية من أجل القليل من الإثارة!
هكذا، تحدّث بعض المواقع عن «موجة غضب عارمة» انتابت المغاربة بسبب الكليب وعن «حملة إعلاميّة شنت على الفنانة اللبنانية». لكنّ الواقع أنّه لم يكن هناك أثر فعليّ لهذه الموجة قبل البيان الذي شكل إعلاناً دفع الجميع إلى البحث عن الكليب ومشاهدته. حتى أنّ إدارة مؤسسة مسجد الحسن الثاني حيث صورت أمل حجازي اللقطات الخاطفة أمامه، لم تعلم بالأمر إلّا بعد إثارة هذا النقاش. هنا، سارعت الإدارة إلى إصدار بيان نشرته «وكالة المغرب العربي للأنباء» جاء فيه أنّ إدارة المسجد «لم ترخّص للمغنيّة أمل حجازي بتصوير مقاطع من أغنياتها في الساحة الكبرى المحاذية للمسجد». وانطلق النقاش في المنتديات الالكترونية بين معارض للفكرة ومؤيد لها، وثالث يعتبر أنّ الأمر برمته لا يستحق كل هذه الضجة.
وكان «هسبريس»، أحد المواقع الإلكترونيّة الشهيرة في المغرب، رأى أنّ الكليب مسيء إلى الدين الإسلامي. غير أنّ المساحة المخصصة لتعليقات القراء خالفت توقعات إدارة الموقع، ولم تكن تعليقاتهم متحاملة على حجازي بتاتاً. حتى أنّ قسماً كبيراً منها، تضامن معها معتبراً أنّ «المغنية اللبنانية لم تقم بأمر مسيء» حين صوّرت لقطات معدودة أمام هذا المعلم السياحي في الدار البيضاء، علماً أن هذه المدينة معروفة بكونها العاصمة الاقتصادية للمملكة، وليست الوجهة المفضّلة للسياح الأجانب نظراً إلى كونها مدينة ضخمة ومكتظة بالسكان. وقد اختار طاقم «الكليب» موقعين مهمين فيها، هما باحة مسجد الحسن الثاني وحي الأحباس العريق الذي يعود تاريخ تشييده إلى بداية عشرينيّات القرن الماضي.
وإذا كان الشارع والصحافة قد أعلنا موقفهما من الأمر أخيراً، فقد أوضح الملحن المغربي سعيد الإمام لـ«الأخبار» أنّ «ما أثير من ضجة، كان في صالح الأغنية فوسّع دائرة انتشارها، أكثر مما أساء إليها كما أراد من افتعلوا هذه الضجّة». وأضاف الإمام أنه تعرّف إلى حجازي شخصيّاً يوم زارت المملكة، كاشفاً عن «مشروع أغنية باللهجة المغربيّة مع الفنانة اللبنانية، اتفقا عليها قبل أكثر من سنة، ويعكف حالياً على وضع اللمسات الأخيرة على لحنها».
اليوم، تعيد حجازي منتجة الكليب (انتاج «روتانا») ليظهر بنسخة جديدة. لكنّ الجمهور سيظلّ يفتّش عن النسخة «الأصلية» على يوتيوب. تلك النسخة التي أقامت الدنيا في لبنان وأصابت حجازي بالذعر وجعلتها تعتذر للمغاربة... وهم آخر من يعلم. إنّه «فنّ» اختراع الخبر!