رام الله | في هذه الأيام، وبالتوازي مع اشتداد إضراب الأسرى في السجون الإسرائيلية عن الطعام، تتكاثر رسومات الغرافيتي على الجدران. إذا تمشّيت في رام الله منتصفَ الليل، فستلمح شبّاناً يحملون spray ويفرّغون قالب صورة ما على أحد الجدران، قبل أن يمضوا مسرعين في مشهد غير مسبوق. الكثير من رسوم الغرافيتي التي تملأ جدران المدينة، تحمل مضامين سياسية تلامس اللحظات الراهنة. هكذا، ستتكرر أمام عينيك صورة الأسير المحرر خضر عدنان في الأيام الأخيرة من إضرابه. الغرافيتي المأخوذ عن تصميم للناشط والفنان حافظ عمر، غزا المدن الفلسطينية، وشكّل إلى جانب عبارة «جائعون للحرية» للفنان مجد عبد الحميد، علامة بارزة عادت بالغرافيتي إلى كل مكان، بعدما اقترن لفترة طويلة بجدار الفصل العنصري. يصرّ حافظ عمر على أنّ ما يجري اليوم في رام الله وبيت لحم تحديداً، هو «إعادة اكتشاف لإمكانات الجدران بعد تغييب طويل». في حديثه لـ«الأخبار»، يستذكر عمر الدور النضالي والوطني الذي قام به «حاملو علب الرذاذ» في الانتفاضة الأولى.
«كنا نعرف البرنامج السياسي والتحركات الشعبية والبيانات العسكرية مما كان يُكتب على الجدران. كانت الحرب النفسية ضد جنود الاحتلال تنطلق من الجدران». يشير عمر إلى أن «العامل الحاسم» في الغرافيتي، هو سريّة الكتابة والرسم. «هذا ما يجعله موازياً في خطورته لإلقاء قنبلة مولوتوف على دورية للجيش الإسرائيلي». يرى عمر أن انبعاث الغرافيتي في هذه الأيام، يحمل معه تغيّراً في قيمة هذا الفن. كانت الرسالة التي يُراد من الغرافيتي إيصالها هي الأهم على حساب الإبداع والشكل. «لكن اليوم، يبدو الاعتناء واضحاً في ما يُرسم على الجدران. ثمة جمالية ومعالجة بصرية متطوّرة عن السابق، وكأنّ كل الذين يرسمون هم فنانون حقيقيون، وليسوا هواة عابرين». هذا ما يؤكده أيضاً الرسام حمزة أبو عيّاش الذي بدأ تجربة مميزة في الغرافيتي على جدران رام الله. اللوحات الفنية التي تحاكي إضراب الأسرى، هي قوام تجربة أبو عياش. لوحات بصرية تعكس حرفية عالية ومعالجة متأنية، تمزج بين الرسم والكتابة، مع اهتمام بالغ بإخراج منجز فنيّ مختلف عن الرسومات والكتابات السريعة المنتشرة. يعتقد أبو عيّاش أنّ الغرافيتي يمنح الجميع حق التعبير والتأثير في الحيز العام، «خصوصاً أنّ فن الشارع يعيش مرحلته الذهبية حالياً، ليس في فلسطين فقط، بل في الوطن العربي أيضاً». اللافت في حديث روّاد هذا الفن في الضفة الغربية لـ«الأخبار»، هو حلمهم المشترك في الوصول إلى ذلك «الجدار الهائل الناصع البياض المحاط بحراسة أمنية مشددة». نسألهم أي جدار يقصدون؟ يؤكدون أن سور «المقاطعة» مقر رئاسة السلطة الفلسطينية في رام الله هو هدفهم المقبل.