باريس | تشهد انتخابات الرئاسة الفرنسية التي تقام دورتها الثانية غداً الأحد، سباقاً محموماً بين المرشحين الرئيسيين، فرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي لاستقطاب النجوم والمشاهير. وكان استطلاع للرأي، أجرته مجلة VSD الشهر الماضي، قد بيّن أن واحداً في المئة فقط من الناخبين قد تتأثر خياراته في انتخابات الرئاسة، وفقاً للمرشح الذي يحظى بتأييد نجمه المفضل. لكن ذلك لم يخفّف من شراسة المنافسة، وخصوصاً في معسكر ساركوزي. الرئيس المنتهية ولايته، سعى، بكل الوسائل، إلى منع النجوم الذين أيّدوه في انتخابات 2007 من تأييد منافسه الحالي هولاند، خشية أن يسهم ذلك في تدنّي شعبيته.
وكان نجوم كثيرون، منهم المغني الشعبي ميشال ساردو، والفكاهي جان ماري بيجار، ومغني الراي فوديل، قد عبّروا عن ندمهم على تأييدهم العلني لساركوزي عام 2007. لكن أياً منهم لم ينتقل رسمياً إلى معسكر هولاند. ولعل السبب هو ما حدث لنجم الروك الفرنسي الأشهر جوني هاليدي الذي كان قد أيّد ساركوزي في انتخابات الرئاسة الماضية. وحالما انتشر خبر قبول هاليدي دعوة على الغداء مع هولاند في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، تعرّض لـ«عقاب» في منتهى القسوة. لقد أُوعز إلى مصلحة الضرائب بالتدقيق في حساباته، وهُدِّد بغرامة جبائية صخمة تتجاوز 9 ملايين يورو، ما جعله يحجم عن إعلان تأييده رسمياً لهولاند!
سلاح الضرائب استُعمل أيضاً مع المغني ولاعب التنس السابق يانيك نوا، لكن على نحو مغاير. وكان ظهور نوا إلى جانب هولاند في تجمّع «لوبورجيه»، الذي افتُتحت به حملة المرشح الاشتراكي، قد شكّل ضربة موجعة لمعسكر ساركوزي، لأن ذلك التأييد جاء بعد أيام على نشر نتائج الاستفتاء السنوي الخاص بالشخصيات الأكثر شعبية في فرنسا. وقد بيّن أنّ نوا احتلّ المنزلة الأولى بين الشخصية الأحبّ إلى قلوب الفرنسيين. وفوراً، تحرّكت الماكينة الساركوزية لقطع الطريق أمام استفادة هولاند من هذه الشعبية. وتم الترويج بأنّ نوا أُدين قبل سنوات بالتهرب الضريبي. وهي تهمة تبين لاحقاً أنّها كاذبة. لكنّ الضجة الإعلامية التي أثيرت حول القضية سمحت لمعسكر ساركوزي بامتصاص الصدمة، والطعن في صدقية هولاند، بحجة أنّه ينادي بفرض مزيد من الضرائب على الأثرياء، لكنه يقبل بمؤيدين متورطين في جرائم التهرب الضريبي.
الضرائب كانت أيضاً سبباً في إحدى أطرف مفارقات هذا المعترك الرئاسي. من بين النجوم المؤيدين لهولاند في تجمع «لوبورجيه»، لوحظ حضور المغني والممثل المتصهين الشهير باتريك برويل الذي وقف في الصفوف الأمامية، وفاخر علناً بيساريته. لكنه خرج عن طوره بعد إعلان هولاند عن ضريبة استثنائية مقدارها 75 في المئة لمن تتجاوز مداخيلهم مليون يورو في السنة. هنا، نسي باتريك برويل يساريته، وأعلن سحب تأييده لهولاند، واصفاً هذه الضريبة بـ«سطو غير مشروع»!
من النجوم الآخرين الذين أعلنوا تأييدهم لهولاند، مخرج فيلم «بشر وآلهة» إكزافييه بوفوا، والممثل دونيه بوداليديس الذي تقمص شخصية ساركوزي في فيلم La Conquête، والملحن بنجامين بيولي الذي راجت العام الماضي شائعات حول علاقة غرامية سرية بينه وبين السيدة الفرنسية الأولى كارلا بروني، والنجمة الكبيرة جان مورو، والروائي الطاهر بن جلون، والناشط الحقوقي ستيفان هيسيل، آخر الأحياء من بين محرّري الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وعُرّاب حركة «الغاضبون» العالمية. في المقابل، لم يبق في صف ساركوزي من النجوم الذين أيّدوه عام 2007 سوى المغني اليهودي ذي الأصل الجزائري أنريكو ماسياس، والممثل الكوميدي كريستيان كلافييه. لكن ساركوزي استقطب بعض المؤيدين الجدد كالممثلتين إيمانيول سينييه (زوجة رومان بولنسكي)، ونادين ترانتينيان، والمخرج كلود لولوش.
أما المفاجأة الأكبر التي كشف عنها ساركوزي في تجمعه الانتخابي في «فيلبانت»، فقد تمثلت في تأييده رسمياً من قبل جيرار دوبارديو. وكان هذا التحول مفاجئاً، لأنّ النجم الكبير ينتمي إلى الحزب الشيوعي، ويعدّ صديق فيدل كاسترو وهوغو تشافيز. ووفق صحيفة Le Canard enchaîné اليسارية الساخرة، فإن دوبارديو برّر فعلته لاحقاً بأنّه كان مديناً لساركوزي بهذه «الخدمة» لأن هذا الأخير ساعده عندما تعرضت بعض استثماراته في أوكرانيا لمشاكل ذات خلفيات سياسية.
بالطبع، دار بين مرشحي الرئاسة تنافس شرس لاستمالة بطل فيلم The Artist، جان دو جاردان الذي يعدّ نجم الموسم بلا منازع في فرنسا بعد نيله الأوسكار. لكن هذا الأخير فضّل البقاء بعيداً عن المعترك الرئاسي، رغم انتمائه للحزب الاشتراكي. وفُسِّر هذا الخيار باستطلاع للرأي أُجري أخيراً، مبيّناً أنّ 71 في المئة من الفرنسيين لا يحبّذون انخراط الفنانين والنجوم بصورة مباشرة في المعتركات الانتخابية.