على أبواب الصالة التي استضافت الاعلام يوم أمس، لاطلاق برنامج «مهرجانات بعلبك الدوليّة»، كان يمكن وضع يافطة كُتب عليها: «الربيع العربي مرّ من هنا». لقد تنحّت مي عريضة عن القيادة لتصبح رئيسة فخريّة، «بعد نصف قرن أمضتها في خدمة المهرجان» كما ذكّرت نايلة دي فريج خليفتها على رأس لجنة أكثر شباباً. لكن الربيع العربي، كما بتنا نعرف للأسف، لم يف بكلّ وعوده، فماذا عن أعرق المهرجانات اللبنانيّة والعربيّة (تأسّس سنة ١٩٥٦)؟
البرنامج على ضموره، أسوة بالمهرجانات الأخرى، يحتوي على محطّات لافتة: تفتتح الدورة بـ «شيكو والجيبسيز»، إذ يحمل العازف الشهيرإلى بعلبك بقايا قبيلته من الغجر، وهم لم يعودوا ملوك الغجر تماماً بعد أن انفتحوا على شتّى الأنواع الأخرى وصولاً إلى الراي في تجربة مشتركة مع الشاب عيسى (٢٩/ ٦). الموعد الثاني مع مغنّي البوب الإيطالي تزوكيرو. صاحب Wonderful Life الذي يتأرجح بين الروك والسول والبلوز، سينهي في لبنان جولة عالميّة للترويج لألبومه الأخير Chocabeck (٥/ ٧). الأغنية العربيّة يحمل لواءها التونسي صابر الرباعي الذي يعود بأغنية كتبت خصيصاً للبلد المضيف، مطعّماً عرضه بالدبكة مع فرقة محليّة (٧/ ٧). وتقف الديفا الأميركيّة جيسي نورمان في «معبد باخوس» لتقدّم بعض كلاسيكيّات برودواي: برنشتاين وغيرشوين وكورت فايل. كما توجّه السوبرانو تحيّة إلى أساطير الجاز من نينا سيمون إلى إيلا فيتزجيرالد (١٣/ ٧). أما مفاجأة «بعلبك»، فبرمجة فرقة «مشروع ليلى» اللبنانيّة المميّزة التي انطلقت عربيّاً وعالميّاً، بعد رهان أوّل على التجربة ربحه ناجي باز في «بيبلوس» قبل عامين. يتسحق المهرجان تحيّة على هذا الخيار الشجاع الذي اراده مسك الختام، مع حامد سنّو ورفاقه الذين يعدوننا ببعض مقطوعاتهم المشهورة إضافة إلى أغنيات من أسطوانتهم الجديدة (١٥/ ٧).
لكنّنا كنا نودّ الاستماع إلى حامد سنّو خلال المؤتمر الصحافي الذي غرق في الانشائيّة الجوفاء والنزعة الاستعراضيّة، مغلّباً المناسبة الاجتماعيّة على الحدث الثقافي. البرنامج الفنّي استغرق تقديمه ربع الوقت بل خمسه، فغرق في «مكلمة» بلا قرار. نبّهتنا الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة إلى أن «مشهداً مظلماً يخيّم على الوطن». ودعا وزير الثقافة كابي ليّون المهرجان «أن ينحو أكثر فأكثر نحو الدوليّة». فيما طالبه رئيس بلديّة بعلبك هاشم عثمان بـ «عودة الليالي اللبنانيّة». وزير السياحة فادي عبّود الذي قرّر أن يكون مسك ختام المؤتمر، مجّد لقطاع الخاص (!) شاكياً غياب «الترويج العالمي للبنان» الذي استدركه لحسن الحظّ بفيلم ترويجي على CNN. عساه لا يعاود النمرة نفسها اليوم في «بيبلوس».