لم تنته فصول حكاية مصروفي «باك». صحيح أنّ الـ 397 موظفاً نجحوا في إخضاع الشركة لشروطهم واتُّفق أمس على صيغة الصرف التعسفي، إلا أنّ هؤلاء ما زالوا ينتظرون إشارة رئيس مجلس إدارة «المؤسسة اللبنانية للإرسال» بيار الضاهر، علّه يضمّهم إلى «جنّته» فلا يجدوا أنفسهم في خانة العاطلين من العمل. الأكيد أنّ وزير العمل اللبناني سليم جريصاتي خرج أمس ليهنئ «باك» على التزامها القوانين والأنظمة المرعية الإجراء وموافقتها على تنفيذ شروط الصرف التعسفي، لا الطرد لأسباب اقتصادية كما كانت الشركة تحلم.

وصحيح أنّ الموظفين وقّعوا على إنهاء عقد العمل بينهم وبين «باك» لأسباب اقتصادية، لكنّ الاتفاق على الصرف التعسفي جرى في وزارة العمل بين وكيلَي موظفي «باك» المصروفين، جورج وميشال خديج، ووكلاء الشركة، ومنهم المحامية ألين شقير من جهة أخرى.
وبموجب الاتفاق، سينال الموظفون بدل الإجازات، والرواتب المتأخرة (راتبان)، والزودة التي أقرّها مجلس الوزراء إضافة إلى تعويض صرف تعسفي يصل إلى 14 شهراً بحسب الأقدمية (الموظفون الذين عملوا في «باك» منذ 12 سنة وما فوق ينالون 14 شهراً، والذين عملوا من ست سنوات إلى 12 سنة ينالون 11 شهراً، والذين عملوا من ثلاث سنوات إلى ستّ سنوات ينالون سبعة أشهر، والذين عملوا من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات ينالون تعويض أربعة أشهر). لكن اللافت أنّ هؤلاء لن ينالوا التعويض إلا بعد بيع «باك Limited». يقول أحد الموظفين المصروفين لـ«الأخبار»: «الصدمة أنّه لا توجد مهلة ملزمة. سنضطر إلى انتظار الوليد بن طلال كي يبيع الشركة لنقبض تعويضاتنا. وقد يمتد الأمر إلى عام وربما أكثر. لا أحد يعلم شيئاً». ويضحك قائلاً: «لقد وقّعنا على إنهاء عقد العمل مع «باك» بموجب أحكام الفقرة «و» من المادة 50 من قانون العمل اللبناني، أي لأسباب اقتصادية، لكنّهم قالوا لنا إنّ عقد الصرف التعسفي جرى في وزارة العمل. على أي حال، لا نملك سوى الانتظار».
الانتظار الذي كلّف بعضهم انهيارات عصبية، سيستمر اليوم. مصروفو «باك» الذين يمثّلون نحو 90 في المئة من طاقم LBCI سيداومون اليوم في أدما، ويواصلون عملهم في انتظار استدعائهم إلى الطبقة الرابعة، حيث رندا الضاهر تملك الجواب اليقين. وكانت أروقة القناة قد شهدت يوم الثلاثاء استدعاء مصوّري قسم الأخبار لإطلاعهم على العقد الجديد الذي قد يوقّعونه مع «المؤسسة اللبنانية للإرسال» إن كانوا من سرب المحظوظين (مدة العقد خمس سنوات من دون تغيير المرتّب الذي كان الموظف يتقاضاه، وعدم وجود أي زودة طوال العمل إضافة إلى حرية الشركة بصرف الموظف من دون إنذار). إلا أنّه يفترض أن تحسم مسألة كلّ العاملين بين اليوم وغداً. يقول أحد الموظفين المصروفين لـ«الأخبار»: «الأكيد أنّ كل رؤساء الأقسام في المحطة يملكون لائحة بأسماء الموظفين والعاملين الذين سيغادرون، لكنّهم يتكتمون على الأمر لأنّهم ليسوا مستعدين للدخول في مواجهة مباشرة معهم. لقد تركوا الأمر للإدارة».
إذاً، فالتقرير الذي قدّمه بسام أبو زيد على شاشة LBC أمس عرض لنا النصف الملآن من الكأس، أي انتهاء الأزمة مع «باك». لكنّ أبو زيد لم يقل لنا إنّ 125 فقط من مصروفي شركة الوليد بن طلال، سيضمّهم بيار الضاهر إلى جنّته، فيما يتردّد أنّه قد يجد لآخرين فرص عمل في قناة «اليمن اليوم» التي يملكها ابن الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. أما النصف الآخر من الكأس المرّ، فلن يعجب المشاهد.