المنامة | لم تبق في المنامة أرض ولا بحر، فاختار الوليد بن طلال أن يقتطع حصته في فضائها! هكذا، كشف رئيس «شركة المملكة القابضة» أنّ المقار الرئيسية لمجموعة «روتانا» التي تضم 13 قناة، بالإضافة إلى «إل بي سي» الفضائية و«فوكس» و«العرب» الإخبارية ستنتقل إلى المنامة. علماً أنّ بث المحطات ومكاتبها سيبقيان في العواصم المعنية. جاء ذلك على هامش المؤتمر الصحافي الذي أقيم أمس في المنامة لتوقيع مذكرة تفاهم بين هيئة شؤون الإعلام البحرينية من جهة ومجموعة «روتانا» وقناة «العرب» الإخبارية من جهة أخرى. بموجب هذه المذكرة، ستنطلق «العرب» في الفصل الأول من عام 2013، وسيكون بامكان 12 قناة تملكها المجموعة وتبث منوعات ومعلومات من القاهرة وبيروت الانتقال الى المنامة لتصبح الأخيرة مقراً رئيسياً للمجموعة.
ومن هناك، أعلن الوليد أنّ هذا القرار «استراتيجي ستكون نتائجه مهمة جداً»، مشيراً الى أنّ في البحرين «بيئة منفتحة رغم محاولات أقلية تعكير ذلك». كان ميدان اللولؤة يعج بالمحتجين حين اختار الأمير السعودي حلفاءه بين العائلة الحاكمة المتصارعة آنذاك، ويعلن في 11 آذار (مارس) 2011 عبر CNBC من الرياض انحيازه لملك البحرين حمد بن عيسى وولي عهده. في اليوم نفسه، كان الصحافي جمال خاشقجي (مدير قناة «العرب») يطلق إعلاناً استثمارياً آخر من مصر: «ثورة 25 يناير في مصر هي التي رجحت كفة القاهرة من بين دول عربية مقترحة لاستضافة قناة جديدة ينوي الأمير الوليد بن طلال إطلاقها».
لم يترك الرأس المال الخليجي طعمه وحيداً في بحر حلفائه البحرينيين. قرر اقتفاء أثر عجلات الجيش السعودي إلى داخل قلب الملك، فجدّد في 22 آذار (مارس) 2011 غزلَه للملك ولولي عهده. وبعدما تلقى رسالة تطمين خطية من الملك في بداية 2012، وطئ الوليد أرض البحرين حيث قدّمت السلطة تسهيلات مادية كبيرة تفوّقت على عروض قدمتها مدن عربية أخرى. وكانت مصادر قد نقلت أنّ الدولة البحرينية قدمت مبلغ 15 مليون دولار لقناة «العرب»، إضافة الى تقديم المكان مجاناً وتوفير خدمات لوجستية وإدارية وحكومية بهدف استقطاب إخبارية الوليد. هذه التسهيلات تهدف إلى إظهار المنامة محلّ ثقة رغم الثورة والاضطرابات الحاصلة هناك. أما قرار الوليد بنقل «روتانا» إلى البحرين وإطلاق «العرب» من هناك، فهو «اقتصادي بحت» كما قال في المؤتمر، لكنّه أيضاً يندرج ضمن استراتيجية السعودية في الدفاع عن «حديقتها الخلفية».
خلال المؤتمر، حضر للتوقيع ممثلاً الحكومة، ابن وزير الداخلية السابق ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون، فواز آل خليفة. وهو المسؤول الأول عن فصل واعتقال العديد من الصحافيين.
تتشح البحرين باللون الأسود في خريطة الحريات الإعلامية وأوضاع الصحافيين، تشير إلى ذلك تقارير منظمة «صحافيين بلا حدود»، وجمعية حماية الصحافيين، ورابطة الصحافة البحرينية ومنظمة «فرونت لاين». تجاوز الوليد بن طلال كل هذا وتجاهل استمرار فصل أكثر من 60 إعلامياً في المؤسسات البحرينية على خلفية تغطية الانتفاضة، ليعبّر عن فخره «بالحرية المطلقة» في البحرين، ليكون هذا التعبير المؤشر الأبرز إلى صدقية قناته الإخبارية الجديدة «العرب». إلا أنه عاد للتأكيد على أنّ الدوافع الحقيقية لخياراته هي «اقتصادية بحت». في ظل الأزمة الاقتصادية والاستثمارية الخانقة، وفرار رؤوس الأموال بسيولتها إلى الخارج، تعد الهجرة العكسية لأسطول بن طلال الإعلامي باتجاه البحرين مثيرة للريبة، وهو ما سماه «قراراً استراتيجياً ذا أبعاد كثيرة ومهمة». لكنّ المؤكد أنّ رأس المال المستند إلى «درع الجزيرة» يظل جباناً.