في «ولهنّ الكلمة» (دار سحر المعرفة _ تأليف جماعي)، تقدم خمس ناشطات تونسيات قراءاتهن وتحليلاتهنّ لحال المرأة التونسية ومكتسباتها بعد «ثورة الكرامة». مقارنات بين وضع المرأة قبل رحيل زين العابدين بن علي وبعده، وتساؤلات عن تأثير صعود الإسلاميين إلى الحكم على حقوق التونسيات ودورهنّ في المجتمع. في مقدّمتها للكتاب، تبيّن الكاتبة والباحثة ألفة يوسف خشية التونسيات من تقلّص دورهن مع وصول الإسلاميين إلى السلطة. النساء اللواتي شاركن إلى جانب الرجال في الصفوف الأمامية لتغيير النظام السابق، فوجئن بتحالف السلفيين مع الليبراليين بعد انتخابات 23 أكتوبر (تشرين الأول)، ما زاد من اقتناعهنّ بأن الثورة لم تكتمل حتى الآن، وأن الباب مفتوح على نجاحات وخسارات في سبيل تحقيق قضاياهنّ. تكتب النساء الخمس عمّا يرينه محاولات لإعادة المرأة التونسية إلى الخلف بذريعة الدين. تبدي الكاتبة آمال قرمي خيبتها من حصول المرأة على حقيبة وزارية واحدة في حكومة الثورة الأولى، ومن غياب تمثيلها في الأحزاب والهيئات التونسية الجديدة.
إضافة إلى ذلك، تشير قرامي إلى تقلّص حضور التونسيات في البرلمان (من 27%، إلى 20%)، ما «سيعرقل مسار الديموقراطية في بلد أبو القاسم الشابي». قضية التونسيات في نظر قرامي لا تقتصر على تفعيل دورهنّ السياسي فحسب، بل تشمل العزل والعنف المتصاعد والممنهج ضدهن في الشارع وأماكن العمل. في هذا السياق، تستشهد الكاتبة التونسية بحادثة طرد إقبال الغربي من منصبها كمديرة «إذاعة الزيتونة» بحجة أنها لا تليق للعمل في «إذاعة مقدّسة»! كذلك تنبّه إلى بروز ظاهرة الحجاب، ومحاولات الفصل بين الجنسين، في بلد كان يفخر بمدنيته وعلمانيته. تضيف الكاتبة فصلاً نقدياً تتحدث فيه عن وجود «التونسيات في إعلام ما بعد الثورة». فجوة تتسع بين حضورهن على مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات المختلفة، وغيابهن عن الصحف والقنوات المحلية التي فشلت حتى اليوم في تخصيص منابر أو برامج تنقل وجهات نظرهنّ، أو على الأقل مشاركتهن في صناعة الغد. الشاعرة فوزية العلوي تلخص نظرتها إلى قضايا المرأة في عبارة «تونسية يعني حرة». اليوم، تفخر العلوي بالثورة التي محت شعوراً بالغربة كان يتلبسها كلما سارت في شوارع تونس. أما الصحافية رشا التونسي، فتتساءل: «هل الثورات العربية كانت مع المرأة أو ضدها؟». تسرد التونسي يوميات الثورة التي بتنا نعرفها، ثم تروي نزولها إلى الشارع في الأيام التي تلت إحراق محمد البوعزيزي نفسه. تعرّج على «الثورة المضادة» التي «لم يكن يتوقع أحدٌ قيامها»، وتعدد بعض مكتسبات المرأة طوال السنين الماضية، مقارِنةً إياها بحاضر التونسيات، قبل أن تنهي بصرخة عالية: «يا نساء الوطن اتحدن». تشكك الروائية مسعودة بوبكر في مشاركة التونسيات في مستقبل بلادهن، وخصوصاً أنّ ظواهر تحجيمهنّ بدت جلية اليوم. وتلقي الروائية آمال مختار نظرة على ثورة صنعها شخص بسيط من مدينة سيدي بوزيد النائية، أشعل نفسه ليضيء طريق الحرية لأبناء وطنه. مختار تشير إلى امرأتين أثّرتا في تاريخ تونس الحديث على نحو عميق: ليلى الطرابلسي التي سيطرت على بلد بأكمله من خلال استغلال نفوذها، والشرطية التي كانت صفعتها للبوعزيزي شرارة الثورة لم تقف عند أبواب تونس.