القاهرة | عندما ساند العديد من الفنانين حسني مبارك في أول وآخر انتخابات رئاسية خاضها عام 2005، لم تكن تهمة النفاق مناسبة لهؤلاء النجوم، إذ لم يكن أمام مبارك منافسون حقيقيون حتى يتهم الفنانون بسوء الاختيار. كذلك أسهم إهمال الشارع للانتخابات في أن يعلن بعض الفنانين دعمهم لمبارك من دون أن ينتبه لهم الجمهور. غير أنّ الوضع اختلف تماماً بعد الثورة، والقائمة السوداء التي تحوّلت إلى كابوس في حياة من دافعوا عن مبارك ظل تأثيرها مستمراً حتى اقتربت الانتخابات الرئاسية (22 أيار/ مايو الجاري)، لأنّ طاقم مبارك ــ كما يرى معظم المصريين ـــ لا يزال في حلبة المنافسة.
والمقصود هنا المرشحان عمرو موسى (الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية)، وأحمد شفيق (آخر رئيس وزراء في عهد المخلوع). اعتبر مؤيدو الثورة ترشّح الرجلين قضاءً عليها لكونهما من «فلول» النظام السابق. بالتالي، لم يكن غريباً أن يكون النجوم الداعمون لموسى أو شفيق، ممن أيدوا بقاء مبارك وأبرزهم حتى الآن، إلهام شاهين، وطلعت زكريا، وهالة صدقي وغادة عبد الرازق، ونيللي كريم. أما عبد المنعم أبو الفتوح العضو السابق في جماعة الإخوان المسلمين الذي يتمتع بشعبية في مصر (نال تأييد ايناس الدغيدي قبل أسابيع)، فلم يحظَ باهتمام الفنانين المصريين إلا قليلاً. أعلن أحمد عيد، وحنان ترك، والمخرج عمرو سلامة، والسيناريست محمد دياب وبلال فضل تأييدهم له، باعتباره قادراً على التوفيق بين التيارات السياسية المتصارعة في مصر الآن. كذلك نال أبو الفتوح تأييد السلفيين وبعض الليبراليين واليساريين، بالإضافة إلى تعاطف قطاع كبير من الإخوان معه. مع ذلك، يمكن اعتبار المرشح المحسوب على التيار الناصري حمدين صباحي صاحب الحظوة الأكبر لدى الفنانين، خصوصاً في الأيام العشرة الأخيرة.
توالت إعلانات تأييد صباحي باعتباره سيكون أميناً على حرية الابداع. شكّل صباحي لمؤيديه نموذج الرئيس المدني الذي سيعيد إلى مصر مكانتها التي كانت عليها خلال عهد جمال عبد الناصر، خصوصاً في مجال الفنون مع تأكيده على نيته تجنّب أخطاء المرحلة الناصرية، خصوصاً في التعامل مع رجال الأعمال الفئة الأكثر تخوفاً من حمدين. والجدير بالذكر أنّ مقر الحملة الانتخابية الرئيسية لصباحي هو مكتب المخرج السينمائي خالد يوسف. وتضم قائمة مؤيدي صباحي الفنانين: الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، صلاح السعدني، خالد الصاوي، وخالد النبوي، وعمرو عبدالجليل، وصبري فواز، وإسعاد يونس، ونشوى مصطفى، ونبيل الحلفاوي، والشاعر جمال بخيت، والشاعر هشام الجخ، والمنتج محمد العدل، ومعه معظم مؤسسي «جبهة الإبداع المصري». مما دفع الجبهة إلى إصدار بيان تؤكد فيه أنّ تأييد معظم أعضائها لصباحي موقف فردي وأنّ الجبهة كجبهة تهدف إلى حماية الإبداع، لا تفرض مرشحاً محدداً على أعضائها. أما المرشح الخامس والأخير الذي نال تأييداً من الفنانين، فهو المرشح الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، لكنّه لم يحظ حتى الآن سواء بأصوات كل من وجدي العربي وهو فنان معتزل ومقرّب من الجماعة، والفنان حسن يوسف، وهو أحد الذين خسروا كثيراً بسبب موقفه المؤيد لمبارك خلال الثورة.
وبعيداً عن هؤلاء الخمسة، لم يحظ باقي المرشحين الثمانية بدعم يُذكر من الفنانين، حتى أصحاب الأسماء المعروفة مثل المستشار هشام البسطويسي، وأبو العز الحريري، والمحامي خالد علي.
ومن المستبعد أن تحدث تغييرات كبيرة في مواقف الفنانين المصريين على بعد 10 أيام تقريباً من صناديق الانتخاب فيما المصريون في الخارج بدأوا التصويت بالفعل. لكنّ التركيز سيكون على هؤلاء الذين لم يعلنوا بعد تأييدهم لمرشح معيّن سواء بسبب الحيرة في الاختيار مثل خالد النبوي، أو بسبب الرغبة في تفادي الانتقادات مثل محمود ياسين الذي نسبت له تصريحات مؤيدة للمرشح المستبعد عمر سليمان، فقرر أن لا يكرر الإعلان عن مرشحه المفضل. وهو الأمر الذي سار على نهجه عادل إمام، ومحمود عبد العزيز، وهاني شاكر، وأحمد رزق وعدد غير قليل من الفنانين. وسط ذلك، يقف المخرج الكبير محمد خان على الحياد، هو الذي لم يحصل بعد على الجنسية المصرية رغم الحملات التي انطلقت لهذا الهدف بعد الثورة والوعود التي تلقّاها محبّوه من الوزراء والمسؤولين من دون جدوى.