لم أشأ أن أردّ على مقالة طاهر الزهراني التي نشرتها «الأخبار» (مشكورة) إلّا بعد حصولي على نسخة من رواية «نزل الظلام» التي يتّهمني هذا الصحافي «الحصيف» بأنني «استعرت» منها (؟) لكتابة روايتي الموجّهة للفتيان «الفتى الذي أبصر لون الهواء» (الدار العربية للعلوم ناشرون). قرأت رواية الكاتب السعودي ماجد الجارد، وفوجئت بأنّها لا تمتّ بأيّ صلة الى روايتي التي تدور حول فتى كفيف يُدعى باسم، وهو شخص حقيقي استوحيت قصّته معتمداً مبدأ «التوصيف» الواقعي والسرد المتخيّل. وشئت هذه الرواية تحية له ولجهاده المستميت في قهر الظلام الذي يعيش فيه.
أودّ أن أوجز ردّي على المقالة «المفتعلة» و«المركّبة» والحافلة بالافتراء والكذب بالتالي:
1- أعاتب جريدة «الأخبار» لنشرها المقالة من دون العودة الى الروايتين والمقارنة بينهما، أو الطلب من صاحب المقالة إبراز جملة أو حدث أو شخصية «استعرتها» من الرواية السعودية، وهذا ما تقتضيه الأمانة.
2- عندما قرأت الرواية اكتشفت أنّ الصحافي لم يقرأ روايتي، لأنّه لو قرأها لاكتشف أنّ لا علاقة لها برواية «نزل الظلام» التي أعتقد أيضاً أنّه لم يقرأها. روايتي أولاً ليست للأطفال، بل للناشئة والتلامذة، وهي عكس ما يقول، قائمة على رصد التحوّل الذي طرأ على معاهد المكفوفين اليوم، وفيها أتناول التقنيات الحديثة التي بات المكفوفون يستخدمونها، علاوة على كتب البرايل والكتب المسموعة وأنواع الرياضة ومنها لعبة Goalball. لقد بنيت روايتي انطلاقاً من تحقيق ميداني في معهد المكفوفين، ومن لقاءات مع التلامذة، والاطلاع على حياتهم. وقد ساعدتني في ذلك الزميلة نيكول طعمه التي تشرف على «ملحق النهار للمكفوفين»... ولعلّ هذه الأمور تؤكد أنّ الزهراني لم يقرأ روايتي. أما اتهامه روايتي بالركاكة والثقل، فهذا اتهام باطل وسخيف، فالآراء أجمعت على سلاسة أسلوبها ورشاقته، وقد دعتني مدارس لبنانية عدّة الى لقاءات مع التلامذة من خلال «النادي الثقافي العربي»، وكانت لقاءات مهمّة وركّز الأساتذة على لغة الرواية وأسلوبها.
3- من الواضح أنّ هذه المقالة الركيكة والحافلة بالأخطاء (ليت المحرّر أعاد صوغها) كتبت لغايات في نفس يعقوب (وسواه)، ونشرت بُعيد فوز روايتي بجائزة الشيخ زايد، علماً أن الرواية صدرت قبل عام. إنّه الحسد حتماً ــ نجّانا الله من الحاسدين ــ وقد أخبرني أصدقاء عرب أنّ المقالة أرسلت الى أكثر من صحيفة وموقع، فلم تنشر لرداءتها وهدفها الشرير المعلن. وقال لي صديق سعودي إنّ اسم الصحافي مجهول ولعلّه مخترع ومزيف.
4- أما أسوأ ما سعت إليه المقالة فهو استخدام صاحبها رواية كاتب سعودي كفيف وزجّ اسمه في هذه «الحملة» ضدّي وهو بريء منها. وأتمنى من هذا الكاتب أن يقرأ روايتي التي ستصدر قريباً بالبرايل، فهو سيعجب بها وسيدرك فعلاً أنّ لا علاقة بين روايتي وروايته وإن كانتا تدوران حول عالم المكفوفين. ولعله سيؤنب صاحب المقالة على افترائه، ويفضح استغلاله إياه. ولا أودّ هنا أن أبدي رأيي النقدي في «نزل الظلام» لأنها تحتاج الى إعادة كتابة وتصحيح الأخطاء اللغوية الكثيرة، وترسيخ بنيتها المصابة بالاضطراب، سيّما أنّ الكاتب استخدم تقنية الراوي المتعدد الذي جعله عليماً بكلّ شيء، حتى بما يفوق قدرته.



وثيقة

بكلّ نيّة طيّبة...



ليس لما ننشره «غايات في نفس يعقوب (وسواه)». هدفنا خوض النقاش، بعيداً عن الشلليّة و«قانون الأومرتا» السائدين في صحافتنا الثقافيّة. كنّا نتمنّى أن يستند الأستاذ وازن في دفاعه إلى أمثلة، بدلاً من اطلاق الأحكام المعياريّة والتشكيك في النيّات. علماً أننا نعتز بمقالة طاهر الزهراني الذي لم يترشّح إلى «جائزة الشيخ زايد». ونصدّق بنيّة طيّبة أن الشاعر الحديث العهد بـ «أدب الناشئة»، لم يطّلع على التجارب العربيّة التي تقترب من موضوعه، ولم يكتشف رواية ماجد الجارد إلا بعد مقالة «الأخبار». كما نأمل ألا تطلق قريباً جائزة خليجيّة جديدة لأدب الخرافة العلميّة مثلاً، فيخوض صاحب «حديقة الحواس» (وسواه)، في مجال الخرافة العلميّة هذه المرّة. (التحرير)