علاقتي بالفايسبوك بدأت على استحياء. سخرية في البداية، من أناس يعيشون في عالم افتراضي، وصور و«بوزات» لتسويق الذات، وترهات تكتب في «بوستات»، تشحذ «اللايكات». والأهم، بدأت علاقتي به بـ«التشات» وعيش حالات إنسانية، وعاطفية ربما مع أشخاص لم تلتقهم، وكثيراً ما يكونون خارج الحدود. كان ذلك قبل الثورة في سوريا. غير أنّ الحال تغيّرت بعدها. أصبحت ناشطاً على الفايسبوك، وتزايد عدد أصدقائي.
صار واحة أمرّ بها كل يوم لأطّلع على آراء الآخرين، وأخبار البلد، إذ لا ثقة بالإعلام الرسمي ولا بالإعلام الخارجي، وصفحات تؤيد وصفحات تعارض النظام في سوريا، وكتابات بعضها غث وبعضها سمين.
لكن الأهم أنّ الفايسبوك ـــ وإن كان ثقباً أسود يبتلع الأفكار ـــ أعاد الناس إلى الكتابة، والتعبير عن أنفسهم من خلال قناة لا رقيب عليها. الفايسبوك جعلني أكتب يومياً، شعراً ورأياً وإحساساً، تحول إلى كاهنٍ لاعترافي، ولاعترافات الآخرين. عرّفني بأناس موهوبين، ما كان لي أن أعرفهم لولاه. إلا أنه مع ذلك مغلق فالناس تحوّلوا فيه إلى مجموعة تعيش في صالون مغلق وتتبادل الأفكار، وإن لم يكن الأمر كذلك قبل الثورة عندما كان الفايسبوك وسيلة للتنسيق بين التيارات. الفايسبوك على علله، كان وسيلة ليتعلم الناس في سوريا أبجديات الحديث، ثم الحوار وصولاً إلى الديموقراطية التي تبقى، حتى بتطرفها في بعض التعليقات والآراء، أفضل من الاستبداد والرأي الواحد.
* سيناريست سوري