القاهرة | «فلتعلم إسرائيل أنّ العرب إذا غضبوا يغيرون صور بروفايلاتهم على الفايسبوك». هذه العبارة التي تسخر من حملة التضامن مع الأسرى الفلسطينيين، تعكس من زاوية أخرى كيف استُخدم الفايسبوك للتنافر والاستقطاب السياسي، بعدما وحّد الموقع الأزرق المصريين ضد مبارك.
التضامن مع الشعب الفلسطيني ولو بتغيير صورة البروفايل ولوغو حملة التضامن مع الأسرى، أمر مطلوب حتى لو عدّه بعضهم أضعف الإيمان، ولا يقدّم أي دعم ملموس للقضية الفلسطينية، لكن صور البروفايلات بعد «ثورة يناير» المصرية، تحوّلت إلى أحد عناصر الحرب الكلامية بين المصريين على الموقع الأزرق الذي اكتشفه الملايين منهم بعد
الثورة.
يمكن رصد أول مظاهر النزاع السياسي على فايسبوك بعد الثورة بظهور صفحة «أنا آسف يا ريس» التي استهان بها بعضهم في البداية قبل أن تستمر هذه الصفحة حتى الآن، ويتحول مؤسّسوها من «أبناء مبارك» إلى نجوم إعلاميين يدعمون اليوم الفريق أحمد شفيق، ويهاجمون مناصري الثورة.
غير أنّ معظم نشاط هذه الصفحة والصفحات الموالية للنظام السابق، اعتمدت أيضاً على نشر الأكاذيب والادعاءات غير الأخلاقية، مثل التشكيك في أنّ الناشط الشهير أحمد حرارة لم يفقد بصره.
لكن التنافر بين الشباب على الفايسبوك لم يقتصر على مواجهة «أبناء مبارك». انقسام الثوار مع بدء المعركة الانتخابية جعل الحسابات تختلف والمصالح تتعارض، وخصوصاً عندما ظهرت حركة «حازمون»، التي دافعت بعنف عن المرشح المستبعد من انتخابات الرئاسة حازم صلاح ابو اسماعيل، إضافة إلى وجود صفحات سلفية وإخوانية أخرى إلى جانب صفحات شبابية لا تزال تدعو إلى استمرار الثورة، وغيرها من الصفحات التي تعبر عن انقسام شديد في الشارع لم يختف إلا في الأزمات الكبرى. وبعدما كانت الدعوة هي عمل «لوك» لأبناء مبارك ومنع الفلول من الدخول في أي مناقشات مع الثوار، أصبح هناك من يضع صورة المرشح حازم صلاح ابو اسماعيل، ويرفض أن يتكلم عنه أحد بسوء، ويكفر أحياناً من يفعل ذلك. بينما وضع شباب الإخوان خيرت الشاطر عندما كان مرشحاً للرئاسة. وبعد استبعاده، وُضعت صورة المرشح الاحتياطي محمد مرسي، إلى جانب مئات النكات المصورة التي يتبادلها كل فريق، والفيديوهات التي تجري منتجة بعضها بغية خدمة هدف المُرسل. حتى الصفحات الإخبارية باتت متهمة بالانحياز إلى طرف دون الآخر، وخصوصاً مع تمسك فئة بعدم المسّ بالمجلس العسكري مهما كانت تصرفاته السياسية.
حالة الاستقطاب والتنافر لم ينجُ منها إلا نفر قليل حاول الاستمرار في الدعوة إلى التوحد والقيام بأعمال ايجابية، والتضامن مع أهالي الشهداء وأسر المصابين، فلثورة يناير مصابون ما زالوا يعانون الضربات التي وجهت إليهم بعد عام ونصف عام على نزولهم إلى الشارع لإطاحة مبارك بدعوة من موقع الفايسبوك الذي تخلى عنهم، وتفرغ للبحث عن الرئيس القادم مهما كانت اللغة والأسلحة التي يستخدمها المصريون بعضهم ضد بعض.