رسالة كان | كان جمهور الكروازيت على موعد مع تكريم لاثنين من عمالقة الفن السابع عبر شريطين وثائقيين عُرضا في التشكيلة الرسمية (خارج المسابقة). خصص روبرت ب. وايد عمله «وودي ألن ـ وثائقي» لمسار وودي الن، فيما رصد لوران بوزرو في «رومان بولانسكي ـ ذاكرة صورية» الجوانب الإشكالية في حياة بولانسكي، راسماً بورتريه مغايراً للصورة النمطية المتداولة عن صاحب «عازف البيانو». يقدم الشريط المخصص لوودي ألن بورتريه حميماً يعود إلى طفولة السينمائي الأميركي في بروكلين، ليستعيد بداياته، حين كان المراهق النحيف والخجول يتخذ من الفكاهة سلاحاً لمداراة لعثمته وارتباكه. واذا به يحقق نجومية سرعان ما جعلته يكسب من اسكتشاته المسرحية، أكثر مما يكسب والداه التاجران اليهوديان النيويركيان.

يعكس البورتريه روح الفكاهة النيويوركية الفاقعة التي يشتهر بها وودي ألن.
نراه يشاكس والديه وأصدقاءه مطلقاً العنان لنكاته اللاذعة، مزاوجاً بين المواقف السريالية الفاقعة (حين يقوم بمبارزة حيوان كنغر بقفازات ملاكمة) وبين النكتة الذهنية القائمة على الخفة والسخرية من الذات. حين يتطرق الشريط الى «فضيحة» ارتباطه بزوجته الحالية سون يي، ابنة طليقته النجمة ميا فارو، يعلق: «لم يكن الأمر نزوة. لقد وقعنا في الحب. والدليل أنّنا متزوجان منذ ١٥ سنة. ومع ذلك، حين أنظر اليوم الى الأمور بأثر رجعي، أستطيع القول إنّني سعيد بالفضيحة التي أثارتها القضية. فأنا أعاني من كوني شخصاً محبوباً. كنت أحلم أن أكون شاباً سيئ الصيت Bad Boy، لكن الخجل وقلة الكاريزما حرماني من ذلك. بفضل سون يي، أضمن أنّه يوم مماتي، لن تكون مقالات رثائي مملة، وسيقال إنّني عشت فضيحة مدوية في حياتي الباهتة والروتينية».
وإذا كان شريط ألن قد تطرق لكل الأسئلة الاشكالية، فإنّ ذاك المخصص لبولانسكي تفادى ذلك. العمل من إخراج صحافي يعترف منذ البداية بأنّه صديق مقرب من بولانسكي، ولا يريد التطرق إلى الجوانب الإشكالية في حياته، وفي مقدمتها اتهامه باغتصاب قاصر عام ١٩٧٧، ومقتل زوجته الممثلة شارون تيت على يد السفاح تشارلز مانسون عام ١٩٦9، وما رافق ذلك من جدل بسبب تطابق أسلوب تنفيذ الجريمة مع أجواء فيلم بولانسكي «طفل روزماري». مع ذلك، تكمن قوة العمل في استدراج بولانسكي الى الحديث عن حياته، كما لم يفعل قبلاً. في عزلة بيته الجبلي في منتجع غشتاد السويسري، حيث وضع في الاقامة الجبرية، قبل ٣ أعوام، على خلفية مطالبة القضاء الأميركي بالقبض عليه بسبب قضية الاغتصاب التي تلاحقه منذ 30 سنة. للمرة الأولى، يتحدّث بولانسكي عن طفولته في بولونيا المحتلة من قبل النازيين ويبكي أمام الكاميرا حين يتذكر ذويه الذين قضوا في المحرقة. يقول بتأثر: «حين سأموت أتمنى أن توضع على قبري نسخة من «عازف البيانو»» في إشارة الى فيلمه (السعفة الذهبية، ٢٠٠٢) الذي استلهم ذكريات طفولته أيام كان مطارداً من النازيين...