في ظل الانتهاكات التي يشهدها الإعلام اللبناني، كمسلسل الصرف التعسفي والاعتداءات على الإعلاميين، قررت مجموعة من التلفزيونيين والإذاعيين إنشاء نقابة للمرئي والمسموع تهتمّ بحقوق أعضائها وتؤمن لهم الحصانة اللازمة. منذ نحو ثلاث سنوات، عملت ثلاث مجموعات ــ كل واحدة على حدة ــ على صوغ هيكلية لنقابة جديدة تكون فعّالة في ظل الركود الذي تشهده الحركة النقابية الإعلامية في لبنان. اتحدت مجموعتان منهما لاحقاً وعملتا على إنشاء نقابة تعنى بشؤون كلّ العاملين في مؤسسات المرئي والمسموع، لا الإعلاميين فقط.
هكذا، تشكلت اللجنة التأسيسية من: وليد عبود، فراس حاطوم، رضوان حمزة، إيلي حرب، اسماعيل الأمين، سعد إلياس، إلسي مفرّج، ماري نويل الشدياق، بسام أبو زيد، شربل عبود وفاديا بزي. كانت مهمة اللجنة حيازة الموافقة الوزارية المطلوبة لاستكمال التحضيرات ووضع النظام الداخلي لـ«نقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع» والتحضير لانتخابات مجلس النقابة. يقول وليد عبود لـ«الأخبار» إنّه «بعد توحيد العمل مع المجموعة الأخرى وعدم استكمال المجموعة الثالثة نشاطها، تكمن المشكلة اليوم في الاستحقاق الانتخابي المحدد في 26 أيار/ مايو»، إذ إنّ الهيئة التأسيسية للنقابة تقيم جمعية عمومية في ذلك التاريخ في الأونيسكو لانتخاب مجلس النقابة وإعلان بدء عملها رسمياً في مؤتمر صحافي. وسيدلي 150 إعلامياً مسجّلين في النقابة بصوتهم، مع فتح الباب للراغبين بالانتساب في هذا اليوم. يتحدث عبود عن حاجة ماسة للنقابة خصوصاً أنّ «تعامل إدارات الوسائل الإعلامية مع الموظفين سيئ لجهة الطرد التعسفي أو موجة العنف والقتل التي نتعرّض لها». ويتابع أنّ تكاتف أعضاء النقابة سيجعلهم يحقّقون أهداف المرحلة كـ«تعزيز الضمانات الاجتماعية للإعلاميين خصوصاً مع الصرف التعسفي، واستحداث صندوق تعويضات يؤمن مصاريف الاستشفاء والتعليم ومعاش تقاعدي يضمن العيش بكرامة». أما لجهة الإقبال على الانتساب من مختلف المؤسسات الإعلامية، فيشدّد عبود على أن التجاوب كبير ولا يزال في ازدياد متواصل.
أيضاً، يقول فراس حاطوم لـ«الأخبار» إنّه كان يفكّر في النقابة منذ سنتين «لكننا واجهنا مشاكل في عهد بطرس حرب الذي كان وزيراً للعمل آنذاك. المشكلة حُلت مع الوزير السابق شربل نحّاس المشهور، ما سهّل مهمتنا قبل أيام من استقالته». وعند الاستفسار عن التحدي الأبرز الذي سيواجه النقابة، يجيب «الحوادث التي يواجهها الإعلام في المناطق اللبنانية. التسييس التي تشهده المؤسسات الإعلامية اليوم، يجب أن يقابله تضامن مع الإعلامي المتضرر بغض النظر عن انتمائه أو انتماء مؤسسته السياسي». وعن قلة طلبات الانتساب، أجاب: «أنا متأكد بأنّ كلّ العاملين في المؤسسات المرئية والمسموعة سيسجلون أسماءهم. وإن لم يفعلوا ذلك قريباً، فسيتحمسون عندما يلمسون عملنا الفعلي». الطرف الثالث الذي خطط لنقابة ولم يتوحّد مع المجموعتين المذكورتين، هو الإعلامي ملحم رياشي. صحيح أنّ إمكانية مشاركته سقطت حكماً بما أنّه لا يعمل في مؤسسة مرئية أو مسموعة، إلا أنّه يعبّر عن دعمه لزملائه، قائلاً لـ«الأخبار»: «ليس المهم من يرفع العلم. المهم أن يُرفع».
من الانتساب إلى الانتخابات، فمجلس النقابة والنقيب، مراحل ستجتازها النقابة لضمان الاستمرارية. يقدّم حاطوم رؤيته إلى شخصية النقيب: «يجب أن يكون في آخر مرحلة الشباب فيكون قد جمع الخبرة المهنية المطلوبة ويتمتع بالديبلوماسية لأننا سنواجه مشاكل جرّاء التسييس الذي نشهده في الوسط الإعلامي».
لكنّ «الأخبار» علمت أنّ موظفي «المنار» و«أن.بي.أن» لم يتحمسوا للانتساب. وعند الاتصال بالمدير العام لـ«المنار» عبد الله قصير، قال إنّ إدارة المحطة شجعت الموظفين على الانتساب مع نصيحة باستكشاف النقابة والقيمين عليها قبل هذه الخطوة. وعزا الحذر في التعامل مع النقابة الجديدة إلى «عدم معرفة مستقبلها ومسارها وعملها. كل التجمعات في لبنان مسيّسة، خصوصاً الإعلامية». فيما رفض مدير عام nbn قاسم سويد الإجابة عن أي سؤال يتعلّق بالنقابة. الثغر التي تعاني منها النقابة عديدة، أبرزها أنّ نظامها الداخلي يمنع كل إعلامي لا ينتمي إلى مجال المرئي والمسموع من الانتساب إليها. قد يكون ذلك منطقياً بسبب وجود نقابة للصحافيين ونقابة للمحررين، لكن ماذا سيفعل الإعلامي حين يترك وظيفته في التلفزيون أو الإذاعة للالتحاق بالصحافة المكتوبة؟ عندها، سيترك نقابته لأنها لا تستقبل إلا العاملين في المرئي والمسموع. يضاف إلى هذه الثغرة، إشكاليات عدة أولها اتهام النقابة بأنّها ذات لون واحد (راجع الكادر) وأسئلة تتعلّق بمدى قدرتها على حماية الإعلاميين في هذه المرحلة الصعبة.