بتكريمها لشكيب خوري (1932) اليوم، تكرِّم «جامعة الكسليك» واحداً من رواد المسرح اللبناني، وأحد رموز حقبة بيروت الذهبية التي مثّل المسرح جانباً من مختبرها الطليعي المفتوح على حداثات متعددة. بطريقة ما، يطاول التكريم ماضي المدينة المهددة في حاضرها ومستقبلها. المدينة التي تقتات من بريق تلك الحقبة، وتدفع ثمن انقساماتها الأهلية الراهنة.
بدأت سيرة صاحب «القداس الأسود»، المسرحية التي تزامن عرضها مع بداية الحرب الأهلية سنة 1975، بأعمال هاوية في مسقط رأسه طرابلس. تكرّس اسمه بعد تخرجه في «الأكاديمية الملكية لفن الدراما» في لندن أواسط الخمسينيات.
باكورته «السرير الرباعي الأعمدة» (1963) وضعته في الصفوف الأولى إلى جوار مجايليه الذين حضر بعضهم في أعماله. كانت بيروت تغلي بالتجريب والبحث عن بصمات شخصية. هكذا، راحت خصوصية شكيب خوري تتراكم داخل مسرح طقسي يقوم على عناصر تعبيرية وعبثية.
امتدحت الناقدة خالدة سعيد طقوسيته «القائمة على العنف والتوتر الجسدي، وتصوير ذلك كنوع من ذبيحة». توصيفٌ كهذا سمح بفتح مسرحه على الأسئلة الوجودية، ونقد الظلم الاجتماعي، وفضح الزيف السياسي. الطقوسية وجدت ترجمات مختلفة في عروض مثل: «كباريه» (1972) ذات المذاق البريشتي الممزوج باحتفالية محلية، و«في انتظار غودو» (1967) التي اقترحت العبث كتأويل مسرحي للوجود الإنساني، و«حراقين بيوت» (1994) التي تخفف فيها من الطقوسية لمصلحة واقعية ملموسة.
اشتغل المخرج الثمانيني في خدمة رؤاه ذات الطابع الذهني والنخبوي. نشأت فجوة بين أسلوبيته وبين الجمهور العريض، لكن ذلك لم يقلل من الحفاوة النقدية التي استُقبلت بها أغلب أعماله. هكذا، حازت مسرحية «أرانب وقديسين» (1993) الجائزة الكبرى في «مهرجان قرطاج»، وعادت مسرحية «أمام الباب» بجائزة «مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي» (1994).
إلى جوار عروضه وكتاباته المسرحية، كتب شكيب خوري الشعر والرواية والقصة. روايته «تلة الزعرور» (1992) وضعت اسمه في سجل رواية الحرب اللبنانية، بينما حضرت هواجسه الوجودية في أغلب نصوصه الأخرى. كأن «صاحب المسرحيات الموجعة»، بحسب وصف زميله يعقوب الشدراوي، أنجز طبعات سردية وشعرية لمناخات مسرحياته التي تتجدد «عبثيتها» في الشارع اللبناني حالياً.



* «يوم شكيب خوري»: بدءاً من الثالثة من بعد ظهر اليوم ـــ «جامعة الروح القدس ــ الكسليك» (شمال بيروت) ـــ للاستعلام: 09/600322 ـــ يتخلّل النهار عرض موسيقي لغادة شبير