في ظل الاصطفافات السياسية التي يشهدها العالم العربي، وانقسام المشهد الفضائي تبعاً لأجندة النظام السياسي الذي يموّل كل محطة، يغيب صوت فئة ثالثة لا تؤيّد السلطة ولا تناصر الحركات المعارضة. في هذه المرحلة الدقيقة، تأتي «الميادين» لتطرح نفسها «مشروعاً إعلاميّاً حرّاً ومستقلاً» بـ 500 موظف ومراسلين منتشرين في العواصم العربية والغربية. قناة ترفع شعار «الواقع كما هو» وبوصلتها فلسطين ومشاريع المقاومة أينما وجدت.
تراهن المحطة على «نقل ما يصلنا من معلومات وأخبار تلامس الدقة، وما تثبته عدستنا» يقول غسان بن جدو لـ«الأخبار». ويشدّد رئيس مجلس إدارة «الميادين» ومدير برامجها على النهج الموضوعي غير المنحاز للقناة، مؤكداً «أننا لن نسقط على الواقع رغباتنا أو أجنداتنا السياسيّة أو خلفياتنا الفكرية». وعن المكان الذي سيشهد الإعلان عن المحطة يوم الجمعة المقبل، يقول: «تمنيت لو يكون ذلك في أحد المخيمات الفلسطينية، ما دامت القدس ستكون وجهتنا وقضيتنا المركزيّة، لكن «الشباب» أقنعوني بضرورة انعقاد المؤتمر الصحافي في قاعة مغلقة، فوقع الخيار على فندق «البريستول»».
ينأى الإعلامي التونسي بنفسه عن الانخراط في الانقسام الحاد «الذي لم يعد انقساماً سياسيّاً مشروعاً، إذ بات يهدد المنطقة واستقرارها». يوحي بأنه لن يقع في «الفخ» الذي سقطت فيه «الجزيرة» بخروجها عن الأصول المهنيّة، ما دفعه إلى الاستقالة منها قبل أكثر من سنة. ويستغرب التحليلات المتناقضة التي تتهم «الميادين» بتنفيذ الأجندات المتناقضة، وبأنها مموّلة من حزب الله وإيران وسوريا حيناً ومن قطر وتركيا ورجال أعمال خليجيين أحياناً. يؤكّد أن المحطة «ستخيّب ظن جزءين من الجمهور، الأول يعتقد أنها سترفع راية التطرف، والثاني هو محور الممانعة والمقاومة الذي يظنها سترفع لواء البطش بالقنوات الأخرى». سيلاحظ الطرفان أنّ «الميادين» هي «قناة مهنية تنقل الواقع. وإذا استطعنا مخاطبة الفئة الصامتة التي تبحث عن معلومة دقيقة، نكون قد نجحنا». وهو ما يشدد عليه مدير الأخبار سامي كليب الذي يقول لـ«الأخبار» إنّ «كل الأطراف ستكون ممثلة، من دون انحياز ولا تعتيم على أحد»، مؤكداً على «تحقق هذا الأمر في المرحلة التجريبيّة الداخليّة في نشرات الأخبار». ويضيف الإعلامي اللبناني أنّ «مشروعنا إعلام جديد ونظيف، سيشعر فيه الصحافي بأنه محترم بين الناس». لا يرى كليب أن القناعات الإعلاميّة وحدها هي التي تدفعه إلى انتهاج المهنية في متابعة الأخبار، إذ يرى أنّ «ضرورات الانتشار تفرض علينا ألّا نحسب على طرف كي لا نخسر الطرف الآخر، والشطارة أن تقدم خبراً موضوعيّاً، وتجعل الناس يصدقونك»، آملاً «أن ننجح في تشكيل جسر حوار بين مختلف الأطراف». ويضيف أنّ «سقف الحرية في المحطة لا مثيل له في أي مكان آخر، ولا محظورات عندنا إلّا المحرّم الأخلاقي».
قبل أسبوع من انطلاقة المحطة التي تتخذ من منطقة الجناح في بيروت مقراً لها، استبدل اسم «شبكة الميادين الإخباريّة» بأرقام تظهر العد العكسي في انتظار ساعة الصفر، مع بثّ متواصل لنشيد «موطني» لابراهيم طوقان وألحان محمد فليفل. كما اكتملت الجهوزيّة البشريّة للمرحلة الأولى التي تنطلق الإثنين المقبل (11 حزيران/ يونيو)، وتستمر حتى مطلع العام المقبل، وهو التاريخ الذي سيشهد الانتقال إلى المبنى الجديد في منطقة السفارة الكويتية. وبات معروفاً أن القناة تضم إعلاميين لبنانيين بارزين، أهمهم سامي كليب، وزاهي وهبي، ولينا زهر الدين، ولانا مدوّر، ومحمد علّوش، وأحمد أبو علي، ودينا زرقط، إضافة إلى السوريتين راميا ابراهيم وفتون عباسي، والفلسطينيين كمال خلف وأحمد صبح، واليمنية منى صفوان. من جهته، يكشف مدير قسم المراسلين علي هاشم عن «انتشار مكاتب القناة في العواصم العربيّة والعالميّة». هناك مكتب مستقل في بيروت الذي يتولاه الزميل موسى أحمد، وواشنطن (منذر سليمان)، ونيويورك (نزار عبود)، ولندن (موسى سرور)، وموسكو (سلام العبيدي)، ثم مكتب إقليمي في تونس يتيح تقديم نشرات أخبار وبرامج أيضاً، وآخر في القاهرة مع ثلاثة مراسلين واستديو كبير، وثالث في طهران، ثم شبكة مراسلين في فلسطين تتوزع بين غزة ورام الله والقدس، ومهمتهم رفد المحطة بفقرة يوميّة في نشرات الأخبار بعنوان «نافذة على فلسطين». هذا بالإضافة إلى مراسلين في عمّان وطرابلس الغرب والرباط والخرطوم وموريتانيا وجزر القمر. ويلفت هاشم إلى «أنّنا نعمل على التعاقد مع مراسلين في الخليج»... تحديات كثيرة تواجهها «الميادين»، أوّلها كيفية التوفيق بين ثوابتها والمعايير المهنية على رأسها الموضوعية. صفة يصعب تحقيقها وسط الانقلابات والتحوّلات الدراماتيكية التي يشهدها العالم العربي.

تردد القناة: نايل سات 11393 عامودي



برامج ووثائقيات

تراهن «الميادين» على نجوم أمثال جورج غالاوي، وغسان بن جدو، وسامي كليب، ولينا زهر الدين، ولانا مدوّر (أنظر الصفحة المقابلة)، إضافة إلى مجموعة برامج أولها «حديث الوطن» اليومي الذي يضيء على ملفات سياسيّة عربيّة، أهمها عن القضيّة الفلسطينية، ثم مصر وسوريا والسعوديّة. وهناك برنامج «من الداخل» الاجتماعي السياسي الذي تطرح فيه زينب الصفار القضايا التي تمس الإنسان، كذلك «أجراس المشرق» مع غسّان الشامي الذي يضيء على الواقع المسيحي في الوطن العربي، إضافة إلى «ألف لام ميم» مع يحيى أبو زكريا، فضلاً عن برامج وثائقيّة سياسيّة واجتماعيّة، وسيكون للمرأة حصتها أيضاً خصوصاً في الوثائقيّات. علماً أنّ «الميادين» تسجّل أعلى نسبة من النساء في صفوفها.



الشعوب أولاً وأخيراً

يعرب غسان بن جدو عن خشيته «من المخاطر التي تهدّد الوطن العربي وتستهدف وحدته واستقراره ونسيجه الاجتماعي»، لافتاً إلى «أننا لا نريد أن نكون شركاء في سفك الدماء باسم الديموقراطية، لا دفاعاً عن ثورة ولا انتصاراً لنظام، وإلّا نكون قد أجرمنا في حق الشعوب».