منذ انطلاق عرضه في الصالات الأميركية، يواجه «الدكتاتور» (إخراج لاري تشارلز) انتقادات واسعة من قبل بعض ممثلي الجاليات العربية في أميركا. الباحث جاك شاهين، مؤلف كتاب «مذنبون: حكم هوليوود على العرب بعد اعتداءات 11 سبتمبر»، انتقد فيلم «الدكتاتور»، قائلاً: «مرة أخرى، يُصوَّر العرب على أنهم مسخرة. هذا الأمر مستمر منذ قرن، ولا مؤشر إلى أنّه سيتوقف قريباً. من خلال فيلمه، يدافع ساشا بارون كوهين عن فكرة أن من الشرعي والمقبول السخرية من العرب».
من جهتها، قالت ناديا تونوفا، مديرة «الشبكة الوطنية للجاليات الأميركية العربية» إنّ «الحضارة العربية هي الوحيدة التي تجرؤ هوليوود على الاستهزاء بها». ومضى عمر بدّار، مسؤول الإعلام الجديد في «المعهد العربي الأميركي» في المنحى ذاته، قائلاً: «لا يمكن أن نتصوّر أنّ فيلماً يحمل مضموناً عنصرياً معادياً لليهود، مثلاً، يمكن أن يرى النور في هوليوود».
رغم أنّ هذه الانتقادات توجّه إلى الاستبلشمنت الهوليوودي منذ عقود، وهي صائبة في أحيان كثيرة، إلا أنّ إسقاطها على «الدكتاتور» ينم عن قراءة حرفية لا تخلو من التحامل، وخصوصاً أنّ بعض وسائل الإعلام العربية تلقفت الضجة الأميركية، وسارعت إلى انتقاد الفيلم من دون مشاهدته، ووصف مخرجه بأنه «إسرائيلي» و«صهيوني حاقد»! والمفارقة أنّ ساشا بارون كوهين الذي ينحدر من عائلة من اليهود الأرثوذكس البريطانيين، واجه تهماً معاكسة تماماً، حين قدّم «بورات». فقد اتهم بـ«معاداة السامية» بسبب تماهيه مع شخصية فيلمه «بورات» الصحافي الكازاخي الكاره لليهود والمثليين. وتعرض لهجوم عنيف في الإعلام الإسرائيلي، وخصوصاً بعد «الخرجة» الاستفزازية التي ردّ بها على قرار الحكومة الكازاخية برفع دعوى قضائية ضده. حينها، أصدر فيديو ظهر فيه بملامح «بورات» قائلاً: «أؤيد قرار دولة كازاخستان المجيدة، وأشجعها على القصاص من هذا اليهودي الكلب بارون كوهين». ثم واجه بارون كوهين تهمة أكثر غرابة، حين قدّم فيلمه «برونو»، فاتُّهم بالتعاطف مع «النازية الجديدة» ومحاولة الترويج لأفكارها المقيتة عبر شخصية محببة هي «برونو»، المذيع المِثلي النمساوي المتخصص في شؤون الموضة! بخلاف بقية شخصيات أفلام بارون كوهين التي تتسم بالفظاظة والشطط اللفظي، ظهر «برونو» في صورة شاب وسيم وأنيق، ما سمح له بأن يستدرج الكثير من الشخصيات التي حاورها، في عالم الفن والموضة، نحو منزلقات فكرية تكشف أن الوحش النازي لم يمت، بل ما زال كامناً في عقلية الرجل الأوروبي، وقد يتخذ أشكالاً أكثر خطورة حين يتخفى وراء لبوس التحضر والأناقة والرقي الثقافي.