دمشق | تجلس عاصمة الأمويين على فوهة بركان يهدّد بالانفجار في أي لحظة. رغم هذا الواقع، لا تتوقف الخلافات التي تتحول أحياناً إلى حفلات تبادل للشتائم والاتهامات على المنابر الإعلامية، وتنتهي في أروقة المحاكم. تلك هي حال مسلسل «ابن الميتة» للمخرج ناجي طعمة، وإنتاج «غولدن لاين» (ديالا الأحمر). يواجه العمل دعويين قضائيتين ضد كاتبه مروان قاووق بتهمة سرقة النصّ: الأولى رفعتها الروائيّة السورية إحسان شرباتي بتهمة السطو على فكرتها، والثانية رفعها السيناريست الشاب قصي الأسدي.
ليست المرّة الأولى التي يجد فيها كاتب «باب الحارة» نفسه في هذا الموقف. فقد رفعت عليه أكثر من دعوى مشابهة. يستغل قاووق حواره مع «الأخبار»، ليوزع انتقاداته في كل حدب وصوب، ثم يؤكد أنّه «ضحية افتراء، لأنّ «ابن الميتة» قصة خرافية يتداولها الناس عن طفل ولدته أمه في القبر، وسمعه حارس المقبرة فأخرجه وعاش عمراً طويلاً». يوضح «أنه سمع هذه الحكاية من أشخاص طاعنين في السن. واختارت له الشركة اسماً مشوّقاً هو «ابن الميتة»، ثم اعتمدت «طاحون الشر» عنواناً نهائياً». ويشرح قاووق أنها «حكاية شامية عن امرأة تقتل ضرّتها على سريرها، وترسل ابنها الرضيع مع الداية إلى خارج الحارة طمعاً بالميراث، ضمن تسلسل أحداث وتشابك قصص اجتماعية نسجتها من مخيلتي، بعيداً عن أجواء المقابر وغيرها». ويرى أن «اعتماد الشركة المنتجة اسم «ابن الميتة»، هو ما دفع الكاتبة إحسان شرباتي إلى الاعتقاد بأنني أسرق عملها»، موضحاً «إنني أكتب أعمالاً واقعيّة، لا أقترب فيها من الخيال إطلاقاً».
يتناسى صاحب «بيت جدي» أن دراما البيئة الشاميّة تقوم على قصص افتراضية وحكايات خياليّة، قدمت صورة مشوّهة عن دمشق، وتعدت على نحو سافر على تاريخ أقدم عاصمة في التاريخ. يستطرد قائلاً إنّه أقام أخيراً دعوى قضائيّة ضد شرباتي، بعدما اتهمته أثناء حديث إذاعي بأنّه «سارق من طراز ممتاز». وهناك دعوى أخرى رفعها ضده قصي الأسدي، الذي كتب نصاً بعنوان «خوابي الشام»، وباعه لشركة «غولدن لاين». هنا، يعود قاووق إلى لغة الشتائم، ويفصح أن الأسدي عمل لديه مراسلاً، وكتب نصاً شهد له بجودته أمام الشركة، «رغم أن «خوابي الشام» يعيد صياغة حكاية «ابن الميتة» المعروفة ليس أكثر».
من جهتها، تؤكد صاحبة «غولدن لاين» ديالا الأحمر لـ «الأخبار» أنها تملك حقوق مسلسلين هما «خوابي الشام» و«طاحون الشر»، وهما مختلفان تماماً لجهة القصّة. وكشفت أنها تراجعت عن إنتاج الأول، لأنها اشترته بناءً على شهادة الممثل الراحل خالد تاجا، الذي أعجب بالحلقات الثلاث الأولى، «لكننا فوجئنا بمستوى هابط لبقية الحلقات وبأحداث مفككة، إضافة إلى ادعاء إحسان شرباتي بأنها صاحبة الفكرة، لذا قررت التخلي عن إنجازه، وإنتاج آخر هو «طاحون الشر»... مع ذلك، يدعي الأسدي وشرباتي بأن العمل هو قصة «ابن الميتة»، علماً أن الحكاية معروفة، ولا تعود ملكيتها إلى أحد»، مؤكّدة أنّه «ليس منطقيّاً أن أشتري نصين يحملان الفكرة نفسها».
أما الروائيّة السورية إحسان شرباتي فتفصح لـ «الأخبار» أنّ «ابن الميتة» هو «قصة حقيقية حصلت في منطقة الميدان، وتحديداً في حي الشيخ محيي الدين في دمشق. ويشهد أهل الحي على خروج طفل من المقبرة منذ 48 عاماً». وتضيف إنّها اعتمدت الحكاية ونسجت أحداثاً تدور خلال الانتداب الفرنسي، كاشفة أنها كتبت ملخصاً في خطوة أولى، وعرضته على الكاتب أحمد حامد. ولم يحصل اتفاق بينهما. تقول: «أعدت كتابة الملخص على نحو موسّع، وكتبت ثلاث حلقات أيضاً ووزعتها على شركات إنتاج عدة بينها «سوريا الدولية» و«سامة»، وأرسلته إلى الممثل وائل أبو غزالة، بهدف تسويقه، لكن لم يكتب للعمل التسويق يومها». وتتابع قائلة: «فوجئت أخيراً بنية «غولدن لاين» إنجاز مسلسل «ابن الميتة». ومجرد إطلاق هذا الاسم، هو دليل على اعتمادهم على قصتي». وتضيف: «بكل هدوء، أرسلت إنذاراً عن طريق الكاتب العدل، ولم أتلق أي رد... ولا يشرفني أن يحمل العمل الجديد توقيعي بعدما خرب بطريقة كان يقصد منها إلغاء التشابه، حتى إن التصوير كان يتوقف بغية تغيير مسار الأحداث». وتضيف: «اطلعت على تفاصيل العمل من أكثر من ممثل، وتأكدت أنه يحمل الفكرة ذاتها». هنا تؤكد شرباتي أنها ستمضي في دعواها حتى النهاية «كي نضع حداً لهذه السرقات التي تحصل دوماً». هكذا، تدور رحايا معارك ضارية في التوقيت الخاطئ. فهل تستحق الميتة وابنها كل هذا العزاء؟