توالت إطلالات الفنان الملتزم سامي حوّاط في الآونة الأخيرة. هذه المواعيد البيروتية تأتي قبيل موسم الصيف، وتهدف إلى دعم «مسرح سامي حواط الريفي» المؤهّل لاستضافة النشاطات الفنية صيفاً فقط. الأمسية المرتقبة مساء غد الخميس في «مسرح المدينة» يتخلّلها حدثٌ إضافي هو إطلاق أسطوانة حوّاط الجديدة وهي عبارة عن تسجيل حيّ لحفلة بعنوان «إنّو يعني» (مسرح المدينة ـــ 2005).
منذ تسع سنوات، أصدر حوّاط أسطوانته ما قبل الأخيرة المسجّلة خارج الاستوديو التقليدي. كان ذلك في أحد أقبية دير البلمند (شمال لبنان) الذي اعتبره حوّاط مناسباً لفكرة العمل وروحه. يومذاك، اختار الفنان الملتزم الابتعاد عن خطه الذي اشتهر به، ليقدّم عملاً ابتهالياً، تأملياً، روحانياً بالمعنى الإنساني غير الديني. حمل هذا الألبوم عنوان «رحّالة» شارك فيه يومها نضال أبو سمرا (ساكسوفون)، وفاء البيطار (قانون) وأحمد الخطيب (إيقاع)، وحوى مجموعة من المقطوعات تسير وفق قواعد مسبقة لكن من دون تقيُّد صارم، إذ تترك المجال لحدّ أدنى من التقسيم والارتجال انطلاقاً من جملة مكتوبة وعودة إلى فواصل ثابتة. كان هذا العمل الوحيد غير الغنائي الوحيد لحوّاط، باستثناء أغنية بعنوان «لارا»، اقتصر حضور الصوت على فوكاليز من دون كلام في بعض المقطوعات.
منذ ذلك الحين، اكتفى سامي بالحفلات الحيّة، واقتصر جديده على أغنيات متفرقة تتخللها برامج تتألف بمجملها من أغانيه المعروفة. الأسطوانة الجديدة «إنّو يعني» تحوي برنامجاً لحفلة «كلاسيكية» من حفلات سامي حوّاط في السنوات الأخيرة، منها المقدمة الموسيقية (حتى ولو كان)، والأغنيات الخاصة المعروفة («طلع الضو»، «أهلا وسهلا»، «هالضبع»، «الرأي العام» ...) وأغنيات زياد الرحباني منذ مرحلة أواسط الثمانينيات التي شهدت ذروة التعاون بين الرجُلين («شو هالإيام» و«بلا ولا شي»)، بالإضافة إلى الأغاني التراثية التي تبعث الحماسة في الجمهور، فيؤدي تجاوب سامي معه إلى «وصلة» شبه مرتجلة، تدخل فيها الأنغام التي يسمح المقام باستحضارها («بنت الشلبية»، «يا بنات اسكندرية»).
في التسجيل الحي هذا، واحدة من أجمل ما غنى سامي، وهي «أغنية العامل» (من ألحانه وكلمات بيرم التونسي) التي يستثمر فيها صوته الطربي الذي لا يحتاج إليه في الأغاني الساخرة.
لا يزال سامي حوّاط يملك رصيداً مقبولاً بين جمهوره التقليدي. لكنه مع الأسف (أو لحسن الحظ؟) لم يطوّر أدواته للولوج إلى شرائح أوسع من المجتمع بحلته الجديدة. الجيل الجديد لا يشارك حوّاط همومه، ولا يجذبه كثيراً المضمون الموسيقي قلباً وقالباً. أين الحلّ؟ في التنازل؟ قطعاً لا. في الصمود؟ لم يعطِ ذلك نتيجة على مدى ربع قرن. قد يتطلب إيجاد الحل تحديد المشكلة أولاً.